dark_mode
  • الخميس ٢٥ / أبريل / ٢٠٢٤
تحقيق إيجار البيت - جاسم الشمري

تحقيق إيجار البيت - جاسم الشمري

إيجار البيت.. أزمة البدون المتفاقمة.. ديْنٌ يلاحقهم بلا انقضاء

* السؤال: هل يكمن الحل في رفض الواقع والعودة إلى نظام العشيش القديم؟

* البدون يواجهون مشكلتين.. محدودية الدخل وانعدام الثقة بقدرتهم على دفع الإيجار.

* بعض المؤجرين يشترطون أمورًا غريبة على البدون: بطاقة مجددة وعدد أطفال معين.

* مؤجرون يسألون البدون عن عدد زوارهم ويحرمونهم من موقف السيارة.

* الدولة أخلت بواجباتها الدولية في توفير ظروف ملائمة للباحثين عن سكن مناسب.

* أغلب الشقق المؤجرة للبدون لا تكفي أسرهم وقيمة إيجارها باهظة.

في العام 1967 أتم والدي رحمه الله حفل زفافه ولم يكن يحتاج إلى أكثر من غرفة صفيح واحدة يحيطها بسور من الصفيح أيضًا إلى جوار إخوانه وأعمامه في عشيش الجهراء القديم المحاذي لمزرعة الشيخ صباح الأحمد والذي أقيم عليه لاحقًا مستشفى الجهراء في نسخته الأولى لتكون منزلا مباركا لعائلته الجديدة.

في تلك السنوات الأولى من عمر الدولة التي انتقلت حديثا إلى مصاف الدول المستقلة بحدود معترف بها وموازنة ضخمة من مورد النفط لم يكن السكن مشكلة حقيقة لأبناء البادية المستوطنين حديثا في الحواضر والقرى.. إذ يكفي أن تكون بمورد رزق محدود لتقيم لك عشيشا بالمواصفات التي تريد والمساحة التي ترضيك وإلى جوار من تحب أيضا.. يمكنك فعل ذلك في الجهراء أو عشيرج أو المقوع ومناطق أخرى شمالا وجنوبا... أو يمكنك البقاء في بيت الشعر الذي ورثته عن ذويك والتمترس تحته من غوائل الدهر وتصاريف الزمان.

بعد مضي أقل من عشر سنوات على ذلك التاريخ تقريبا.. رُؤيَ أن تلك الممارسة لا تليق بدولة وصلت حدا فاحشا من الثراء ولا يستقيم وجود عشيش متناثر هنا وهناك أو بدو رُحّل لا يزالون تحت وبر خيامهم وبيوت الشعر التي يسكنونها فارتأت أولا تنظيم مساكن العشيش ونقل قاطنيها إلى منطقة محددة ووفق مساحات محددة ومنظمة ربما لحصرهم أو إضفاء صبغة مدنية عليهم وبالفعل انتقل والدي بعشته إلى الموقع الجديد مع أقربائه أيضا وكان الموقع منطقة النسيم حاليا حيث بقينا فيها بحدود ست سنوات إلى أن بدأت الدولة بتوزيع بيوت المساكن الشعبية في تيماء والصليبية وأم الهيمان.. وكنا ضمن المحظوظين الذين نالوا منحة الدولة في الانتقال إلى بيوت من الطابوق ويصلها التيار الكهربائي بلا انقطاع وبها شوارع معبدة.

هذه المساكن كانت تكفي عائلة متوسطة العدد وتتكون من ستة أفراد إلا أن كثيرا منها سكنها أكثر من ثلاث عوائل مع بعضهم البعض وبالأخص الإخوة الذين كانوا يسكنون مع بعضهم في بيت عشيش واحد.. بحيث يسكن كل منهم مع أطفاله في غرفة واحدة في البيت الذي يتكون من ثلاث غرف معيشة وديوانية ومطبخ صغير ودورة مياه واحدة وحوشين داخلي وخارجي استثمرتهما بعض الأسر في زيادة عدد الغرف لأبنائهم.

لاحقا وحينما كبر الأطفال واحتاجت الأسر إلى مساحات أوسع عمد بعضهم إلى البناء في الساحات المحاذية لمساكنهم وحديثا جدا رأوا أن هناك إمكانية لبناء دور ثان عليها ودائما يكون البناء بلا أساس وسقفه من الكيربي لتعود بيوت الصفيح بشكل أو بآخر وكأن قدر هذه العائلات معجون بالصفيح لا غيره.

ومع بدء عقد تسعينيات القرن الماضي بدأ كثيرون يعانون أزمة حقيقية في إيجاد سكن لهم.. وهنا نتكلم تقريبا عن الجيل الثالث من البدون الذين كانوا في ثلاثينيات أعمارهم واختاروا تكوين أسر خاصة بهم بعدما كانوا في فترة سابقة في كنف آبائهم ولم يعد لهم موطئ سرير في هذه البيوت ليكون لهم حيزا في استمرار بقائهم فيها عقب زواجهم.. وبدأ المئات من هؤلاء رحلة البحث عن شقة مناسبة بإيجار في متناول دخلهم الشهري.               

حق الإنسان في السكن اللائق وفق تعريف مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هو حقه في أن ينعم بما هو أكثر من مجرد أربعة جدران وسقف وهو حق كل شخص في الحصول على بيت آمن يؤويه ومجتمع محلي ينتمي إليه ويعيش فيه بسلم وكرامة.

وحددت المفوضية أن عناصر الحق في السكن اللائق متعددة أبرزها ثلاثة مستلزمات يمثل أولها أمن الحيازة القانوني حيث ينبغي أن ينعم جميع الأشخاص بدرجة من الأمن تكفل الحماية القانونية لهم من الإخلاء القسري والمضايقة والتهديدات الأخرى، وثانيهما القدرة على تحمل التكاليف وبحيث لا تنطوي التكاليف الشخصية أو الأسرية المرتبطة بالسكن على ما يهدد تلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى أو الانتقاص منها، وأخيرا صلاحية السكن ما يعني ضرورة أن يوفر عناصر مثل الحيز الكافي والحماية من البرد والرطوبة والحرارة والمطر والريح أو غير ذلك من المخاطر التي تهدد الصحة والمخاطر الهيكلية ونواقل الأمراض.

باتت هذه العناصر من المستحيلات على أجندة الكفاح اليومي للبدون وهي تماما كالعنقاء والغول والخل الوفي في أساطير العرب القديمة؛ فأن تحصل على شقة تضمن استقرارا لك ولأسرتك وتتفق مع مواردك المالية المحدودة وتحقق لك الحدود الدنيا من الكفاية في السكن وأخيرا دون أن يعمد مالك العقار إلى احتساب كمية الهواء التي تستنشقها يعني أنك في عالم من الوهم أو على أحسن حال تغط في حلم عميق..

تساءلت ماذا لو عمد مئات الشباب إلى هجرة نحو الصحراء والعودة مجددا إلى ما قبل ستين عاما رافضين رفع الدولة يدها عن الالتزام بتعهداتها التي وافقت عليها بعد تصديقها على معاهدات حقوق الإنسان والتي تجبرها على إعمال هذه الحقوق في إطـار ولايتها القضائية وبعضها يكون الالتزام بها نافذا فور نشوئها، ومنها التعهد الأساسي بضمان ممارسة الحق في السكن اللائق على أساس عدم التمييز.

أوضحت مفوضية حقوق الإنسان- وضمن تقريرها لحق الأفراد والأسر في الحصول على مسكن لائق- أنه رغم أن من غير المستطاع أو من غير المحتمل إعمال الحق في السكن اللائق بجميـع جوانبه فوراً، فإنه يجب على الدول أن تبيّن، على الأقل، أنها تبذل قصارى جهدها في حدود الموارد المتاحة لحماية هذا الحق وتعزيزه على نحو أفضل.. مضيفة أن المقصود بمفهوم التزام الدولة إزاء الحق في السكن الملائم ليس ضرورة قيام الدولة ببناء المساكن لجميع المواطنين أو توفير المساكن مجاناً للأفراد، أو حتى تلبية هذا الحق بنفس الأسلوب في أي مكان وفي جميع الأوقات. ولكن التزامها بمقتضى الحق في السكن يتمثل في:

·        العمل بجميع الوسائل المناسبة على ضمان إتاحة المسكن المقبول وبثمن معقول لكل فرد.

·        اتخاذ سلسلة من التدابير بحيث تعكس سياساتها وتشريعاتها توافر عناصر الحق في السكن.

·        حماية المنازل والأحياء السكنية ورفع مستواها لا القيام بتدميرها أو إحداث الضرر بها.

ومن منطلق هذه القراءات الإنسانية تساءلت وبسخرية محضة وأنا متيقن أنه لن يُسمح لهؤلاء بهكذا احتجاج سلمي مع ملاحقة رعاة الإبل والأغنام من موقع إلى آخر.. غير أن هذه السخرية استحالت واقعا فعليا حينما عمد بعض من أعرف إلى إقامة خيم لهم في الصحراء خلال موسم التخييم الممتد من نوفمبر إلى إبريل وترك الشقق التي يسكنونها توفيرا لإيجارها الذي لا يستطيعون دفعه أو يعانون في جمعه.. وبعضهم اختار استئجار غرف في منطقة الإسطبلات غرب الجهراء للإقامة بها.. وكلها تعكس حالة من المعالجات التي لا تخلق مجتمعا آمنا مطمئنا ومستقرا.

المشكلة ضمن سياقين: الحصار الاقتصادي المُمارس على الأفراد البدون يجعلهم غير قادرين على توفير حدود المتطلبات الدنيا من الحياة الكريمة لهم ولأسرهم.. والسياق الآخر تخلي الدولة عن التزامها الدولي في توفير البيئة المناسبة لكل سكانها لإيجاد مسكن لائق لهم.. وهي في هذا تخلت عن سن حد أدنى مثلا لمساحة الشقق المنفذة سواء في القطاع الاستثماري للوافدين بشكل عام أو لبيوت السكن الخاصة بالمواطنين والتي يعمدون إلى تخصيص جزء منها للاستثمار، كما تخلت عن تحديد سقف أعلى لقيمة الإيجارات وربطها بمساحة الشقة من جهة وتوازنها مع الدخول الشهرية للمستأجرين بما لا يزيد مثلا عن 20 أو 30 % منها للإيجار فقط لتحد من الأزمات النفسية والاجتماعية للسكان.. وهي أزمات تطال نتائجها وعواقبها أمن المجتمع كله ولا تستثني منه أحدا إن تفاقمت أو خرجت عن حدود السيطرة وهي تكاد تكون كذلك.

حكايات هذا التأزم لا تنتهي.. ومحورها أن الدولة تخلت عن واجباتها التي تعهدت بها دوليا في توفير الحدود الدنيا لما يمكن أن يكون سكنا لائقا بحسب العهد الدولي لحقوق الإنسان.

خلف البالغ من العمر 36 عاما ويعمل مشرفا إداريا براتب 200 دينارا يضحك بسخرية وهو يسر لي بأن الإيجار الشهري الذي يدفعه للشقة التي يسكنها في قسيمة مواطن هو 300 دينار أي بما يزيد بمئة دينار عن الدخل الشهري الذي يتحصله.. يضحك بأنه دائما مدين بسبب هذا الالتزام الذي يكبل قدراته على الحركة.. ويجيب عن استفساري إن كان يواجه مشكلة في توفير المبلغ بالقول نعم شهريا أواجه هذه الأزمة.

خلف لديه ثلاثة أطفال ويسكن في شقة تتكون من ثلاث غرف ومرافقها ويجد أنها لا تكفيه.. ويضيف أنه انتقل بين ثلاث شقق منذ زواجه واختياره الاستقلال بحياته لضيق مسكن والده عن استيعابه وأسرته الجديدة.. ويكمل: إن البدون يواجه مشكلة عدم قبول المؤجر به كونه منتميا لهذه الفئة فقط ولا يملك دخلا ثابتا، كما أن بعض المؤجرين ممن يستحون من إعلان الرفض الفج يضع شروطا تعجيزية لعدم القبول بك مستأجرا عنده ومن ذلك اشتراط عدد معين للأطفال لا يزيد عن طفل واحد في الأغلب.

سعد – 42 عاما يعمل مندوبا في إحدى الشركات ويتقاضى راتبا شهريا قدره 500 دينارا يدفع نصفها تحديدا لإيجار شقته المكونة من ثلاث غرف يسكنها وزوجته وأطفاله الستة ويقول إنها لا تكفيه ولا تحقق له ما يرغب به إلا أنه مضطر للقبول بها ويضيف إنه دائما ما يجد مشقة في توفير إيجار منزله الذي يستهلك نصف دخله شهريا بما يجعله في ضائقة مالية مستمرة خاصة إن طرأ ما يستوجب مصاريف مستجدة ليست ضمن التزاماته الشهرية التي اعتادها.

سعد يقول إن أسوأ ما يضايقه عند محاولته البحث عن مسكن جديد السؤال الدائم من قبل المؤجر ومحوره عدد الأطفال وما إذا كانت البطاقة الأمنية مجددة أو منتهية.

ولعل الحالة التي يمثلها غازي البالغ من العمر 49 عاما أسوأ من غيرها إذ يقول إن لا عمل ثابتا لديه وأن جل ما يمكن أن يتحصل عليه من دخل شهري لا يتجاوز الـ 200 دينارا في حين أن إيجار مسكنه المكون من غرفتين وصالة فقط له وزوجته وأطفاله الأربعة يبلغ 240 دينارا.

يقول غازي إن شقته لا تكاد تكفيه ومع ذلك لم يحاول الانتقال إلى مسكن آخر لصعوبة الانتقال وكلفته، ويضيف أن توفير مبلغ الإيجار همه الأكبر شهريا، ثم يعلق بسخرية دامعة: "لو ما فيه إيجار أكيد نرتاح"،

 وبذات السخرية يقول إن استئجار شقة للبدون لها تابوهات مقدسة إذ يشترط المؤجر ألا يصدر من شقتك صوت وبمعنى أن تجبر أطفالك على الصمت واللعب بهدوء قاتل لا يتناسب مع احتياجاتهم النفسية وسلوكيات الأطفال بشكل عام.. ثم إن المؤجرين وبشكل عام لهم في كل يوم اشتراطات ما أنزل الله بها من سلطان ومنها عدم وجود موقف لسيارتك وقيمة الإيجار تزيد ولا تنقص وإن كنت بدونا يتحاشون قبولك حتى وإن كنت مليونيرا.

منصور - ٤٤ عاما – يعمل بوظيفة في القطاع الخاص لم يحدد كنهها إلا أن إجمالي دخله الشهري يصل إلى 750 دينارا، يقول: إنه يدفع ثلث دخله لشقته المكونة من 3 غرف وصالة تسمى مجازا كذلك ودورتي مياه صغيرتين يسكنها وزوجته وأطفاله الستة ويرى أنها لا تكفي احتياجاتهم.. ويضيف ردا على ما إذا كان يواجه مشكلة في توفير قيمة الإيجار الشهري لمسكنه بالقول: قياسا إلى راتبي؛ فإن الأمر متيسر وإن كان الإيجار بحد ذاته ثقيلا على كل نفس إذ من حق أي إنسان أن يمتلك بيتا حتى لو كان متواضعا جدا.. ويكمل إجابة عما إذا كان قد جرب الانتقال إلى بيت آخر: إن التنقل للمستأجرين أمر لا بد منه والانتقال بحد ذاته عذاب آخر وتكاليفه تفوق تكاليف شهرين أو أكثر من الإيجارات.

منصور يرى أن السكن مشكلة كبيرة يعاني منها كل مستأجر والبدون ليس استثناء من ذلك ولكن نظرا لظروفهم فالجريرة عليهم تكون أكبر لا سيما مع ضعف المدخول الشهري وأغلب المشاكل تتلخص في قلة الشقق المعروضة ورداءة أغلبها وعدم صلاحيتها والاشتراطات الخيالية التي يضعها أصحاب المساكن كعدد معين للأولاد وعدم إيقاف السيارة قريبا من المنزل وعدم التعامل الحسن من أصحاب البيوت وتكليف المستأجر قيمة الإصلاحات ورفع قيمة الإيجار بعد فترة من الانتقال إليها.

ويقول نواف – 42 عاما والذي يعمل موظفا في القطاع الخاص وإجمالي دخله الشهري يصل إلى 800 دينارا: إنه يدفع 300 دينارا منه إيجارا شهريا لمسكنه الذي يتكون من 3 غرف نوم وصالة ومطبخ وحمامين يسكنها واطفاله الخمسة وزوجته ويعتبر أن شقته جيدة إلى حد ما وفقا لظروفه المعيشية إلا أنه يضيف أن تدبير قيمة الإيجار يرهقه أحيانا كثيرة بسبب كثرة الالتزامات الشهرية وارتفاع كلفة مصاريف المعيشة وغلاء الأسعار في الوقت الحالي.. إلا أن ذلك لم يدفعه حاليا إلى التفكير بتغيير مسكنه ويبرر ذلك بالمشكلات التي يتعرض لها البدون الراغب في السكن والتي تكمن في اتجاهين أولها مشكلات حول قيمة الإيجارات وعدم توازنها مع دخل الفرد البدون.. وثانيهما مشكلات تتعلق بكثرة الشروط التي يفرضها أصحاب البيوت على المستأجرين وبالذات البدون منهم كدفع مقدم الإيجار لسنة لاحقة واشتراط عدد معين للأطفال واشتراط أعمار محددة لهم والاستفسار عن عدد زوارك أسبوعيا.

حنان – 45 عاما – لا تعمل وليس لها دخل شهري ثابت تدفع إيجارا شهريا 300 دينار لشقتها المكونة من ثلاث غرف ودورتي مياه تسكنها وزوجها وأطفالها الستة ولا ترى أنها تكفيهم كما تشكو من عدم قدرتها وزوجها على توفير مبلغ الإيجار الشهري الذي يسبب لهم أزمة مستمرة تضاف إلى مشكلة كلفة المعيشة عليهم والتي يعالجونها دوما بطلب المساعدة من أهل الخير أحيانا ومما يصرف لهم من مساعدة مقطوعة من بيت الزكاة أحيانا أخرى.

وتضيف حنان إنها جربت الانتقال إلى أكثر من مسكن بسبب هذه الظروف القاسية التي تعيشها وأسرتها وتقول إن البدون يقع دوما تحت طائلة عدم الثقة به من قبل المؤجرين لقناعتهم أنه غير ضامن لدفع قيمة الإيجار لهم شهريا.. كما يشكل أمر ارتفاع كلفة الإيجار عائقا كبيرا أمام إيجاد مسكن لائق.. وتتساءل مُحكّمةً ضمير من يقرأ أن يوازن هذه المعادلة التي تقع خارج إطار المنطق: كيف يمكن للبدون أن يعيش إذا كانت الإيجارات تبدأ من 300 دينار وتزيد في حين أن رواتبهم من 250 وأقل؟!

إيمان – ٢٩ عاما – تعمل موظفة استقبال ويبلغ دخلها مشاركة مع زوجها 700 دينارا وتدفع إيجارا بمقدار 250 دينارا لشقتها المكونة من غرفتين ودورة مياه تسكنها هي وزوجها وطفلهما.. تقول إن الشقة حاليا تكفيهم إلا أنها تضيف بأنها وزوجها يواجهان مشكلة دائمة في توفير أجرة السكن لأن جزءا من راتبهما يذهب لقضاء حوائج أسرتها وأسرة زوجها... تردف قائلة إنهما حاولا تجربة الانتقال من مسكن إلى آخر إلا أن المشكلة التي يواجهانها دوما تكمن في ارتفاع قيمة الإيجار وعدم الثقة في البدون من جهة ضمان استمرارية دفعه الايجار، مؤكدة أنهم غالباً ما يرفضون التأجير لنا.

أن ترفع الدولة يدها عن هذا الملف لم يعد مقبولا.. وأزمة السكن ليست خاصة بالمواطنين فقط وإنما هي مشكلة حقيقة تكتوي بنارها كل أسرة ويبدو أن الأسرة البدون لا يطالها الاكتواء فقط وإنما الاحتراق أيضا وهم ينتقلون من مسكن إلى آخر ومن مؤجر إلى مؤجر تلاحقهم نظرات الريبة ويسكنهم قلق ما إذا أقبل شهر ولم يحمل معه فرج استيفاء دين لا انقضاء له.

السؤال: هل يكمن الحل في رفض الواقع والعودة إلى نظام العشيش القديم؟

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد