dark_mode
  • السبت ٢٧ / أبريل / ٢٠٢٤
فهد الفضلي – في تلافيف الذاكرة

فهد الفضلي – في تلافيف الذاكرة

أتذكر تلك الأيام جيداً، أنين والدتي، صوت ارتطام رأس والدي المتكرر بالحائط! وأتذكر الأحاديث التي كانت تدور بينهم وقتها، وكيف كانا يحاولان ابتلاع كل ذلك الأسى، حقبة زمنية سيئة جداً دفعنا فيها الثمن وكأنما كنّا نحن الغزاة! أتذكر إخوتي أطفالًا حرموا من مقاعد الدراسة وجلسوا فوق التراب، يبيعون براءتهم؛ فهم الحلقة الأضعف في مجتمع لا يحترم مبادئ العمل اللائق وما يحمله عملهم وهم في هذا السن من أذى وضرر بصحتهم وسلامتهم وحتى أخلاقهم!

أتذكر أحلام أصدقائي التي كانت تجلس بين السحاب وتتراقص مع الغيوم قبل أن تتبعثر هذه الأحلام وترتطم باليابسة وتتحول إلى أشلاء وأوهام. أتذكر دوامة الصمت التي عشنا بداخلها وحرمنا فيها التعبير عن آرائنا ومعاناتنا؛ والسبب ببساطة هو شعورنا بأننا مختلفون أو غرباء! أو بسبب خوفنا من إطلاق صرخاتنا؛ فهناك دائماً من يتربص بنا ويمنعنا من كسر حاجز هذا الصمت ويطمس قدرتنا على التعبير ويقتل فينا أي إبداع.

نعم أتذكر آلة الضغط والتضييق وصناعة الاستسلام! نعم، في هذه البلاد هناك من يملك القدرة على غلق مساحات التعبير، ولكنه لا يملك أزرار محو الذاكرة، فكثيرًا ما يحدث معي أن يتوقف العالم من حولي وأغرق في الصمت حتى تعود إليّ نفسي وأستنشق ذكريات أحاول جمع قطعها المتناثرة لأعيد لصقها كما عشتها وسمعتها لأحكيها لأطفالي محاولاً أن أشرح لهم معنى الصمود أمام كل هذا الظلام وأحثهم ألّا يقفزوا من سقف أحلامهم وطموحاتهم وأن يتشبثوا بآمال الحياة.

سوف أتذكر وأتذكر، فهذه الأيام لم تمضِ وأنا لم أنسَ شيئاً وإن كنا نحاول أن نتناسى تلك الأيام وتلك الأحزان فإنها باقية طالما نحن باقون.

وأنتم ماذا عنكم؟ حدثوني عن ذكرياتكم، تكلموا وعبروا؛ فقد أصبح لدينا منصة.

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد