dark_mode
  • الخميس ٢٥ / أبريل / ٢٠٢٤
المعادلة الصعبة - بدون قلم

المعادلة الصعبة - بدون قلم

صديقي معلم الرياضيات المتميز يتفاخر بيننا دائمًا بأنه يستطيع حل أصعب المعادلات وأكثرها تعقيدًا، جلست معه مرة نتسامر ونتجاذب أطراف الحديث وكان في كل مرة يجرنا لمجال تخصصه في الرياضيات حتى يجد ما يتفاخر به علينا، فقلت له سأعطيك مسألة إن تمكنت من حلها فأنت علامة زمانك وفريد عصرك وأوانك في هذا المجال، ثم اتفقنا.
قلت له: ما تقول في رجل يتكون يومه من ٢٤ ساعة تمر كل ساعة منها بما يعادل ٢٤ ساعة يقضيها في التفكير ومحاولة دفع الهموم التي تنهش في روحه كذئب وجد طعامه بعد جوع؟ عمره لا يتجاوز الثلاثين وكل سنة منها تعدل ١٠ سنوات من عمر أقرانه حتى صار شعاره: "ومن يعش "ثلاثين" حولًا لا أبَ لك يسأمِ"، راتبه ٢٥٠ دينارا ويسكن في شقة إيجارها ٣٠٠ دينارا، ومطالب بدفع رسوم فرق الشريحة عن أبنائه الخمسة، ناهيك عن مصاريف ملبسهم ومأكلهم وما نستطيع تسميته مجازًا "وناستهم"!
يحاول دائمًا أن "يجمع" ما تبقى لديه من قوة ليواجه مصاعب الحياة و"يطرح" عن كاهله ثقل الهموم التعيسة التي تجعله دومًا- وأمام متطلبات أبنائه الصغار- "يضرب" أخماسًا بأسداس و"يقسم" لهم أن لو كان له من الأمر شيء ما ولدتم ها هنا.
أ
دمعت عين صاحبي وهو يستمع لأعقد معادلة سمعها في حياته، عن راتب لا يسد رمق أهله بشيء، عن أطفال تُغتال طفولتهم كل يوم حتى صاروا عرضة للانحراف أو الانتحار، عن شباب فقد الأمل في كل شيء إلا في الموت، عن آباء يشعرون بالذل والانكسار والمهانة، عن أمهات يتمنين لو أنهن لم ينجبن.
عرف صديقي بأن كل معادلة أمام هذه المعادلة هي لا شيء، وكل قضية أمام هذه القضية هي إحدى التوافه، وأن كل شكوى دون شكواهم هي ترف زائد وإن حاول أصحابها أن يُظهروها كأنها إحدى الضرورات.

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد