dark_mode
  • الجمعة ٢٩ / مارس / ٢٠٢٤
غريزة البقاء.. والإرادة...! - نادية الحسين

غريزة البقاء.. والإرادة...! - نادية الحسين

إن لم تكن «بدون»، رفيقي القارئ، فقد تستغرق وقتًا أطول في تفهّم الحالة التي أتحدث عنها.. وقد تستوعبها فورًا إن كنت ممن هجروا الحياد وذابوا معنا في الألم..!

كانت "فاجعة رحيل علي" لطمةً مؤلمةً على وجوهنا جميعًا- نحن البدون-، حقًا لقد أسقطتنا هذه اللطمة الناتجة عن خطة التضييق ٨٦ (لم يكن علي قد ولد حينها لكن خطتهم نجحت في قتله).. أسقطتنا أرضًا!! وملأت وجوهنا بوحل الهزيمة!! وقد نكون نحن المهمومون بالقضية من أبناء البدون أكثر من غيرنا ممن اختار التجاهل في محاولة للاستمرار والكفاح.

أنا أشعر أنني هُزمت، هزموني من قرروا أن حل قضية البدون يمر عبر التضييق على البدون وخنقهم حتى يكرهوا الحياة ويحبوا الموت ويختاروه. هزموني من جعلوا عليّا يقتل نفسه بسبب لا يتعدّى كونه رأس جبل الجليد والذي يخفي أكثر مما يظهر.

بكيت كثيرًا وفكرت، ما جدوى أن أستمر في الصراخ على ممارسات مستمرة منذ ٤٠ سنة؟ ما جدوى أي محاولة لتنبيه شركائنا في الوطن لرصّ الصفوف ومواجهة أصحاب فكر إبادة البدون؟ ما الجدوى من كل ذلك وقد نجحوا في خطف علي من بين أيدينا؟

هل تساءلتم يومًا كيف يستمر البدون في عيش الحياة العادية رغم الجحيم الذي يحيط به؟ كيف يكون قادرًا في نهاية اليوم على الضحك والغناء؟ كيف يقدر أن يخرج من دوامة العراقيل التي الموضوعة في طريقه ليشارك بفعالية في هموم وطنه العامة؟

إنها غريزة البقاء.. والإرادة في الاستمرار!

وفي حالتنا، كلما زادت التعقيدات والعذابات والتحديات للاستمرار في الحياة زادت قوتنا على البقاء!

من أين نستمد القدرة على الاستمرار؟

من إيماننا العميق بأننا أصحاب أرض ووطن وبأننا لم نظلم أحدًا وأن الحق معنا وإن كانت القوة أداة في يد من يحاول إعدامنا!!

قد لا ينطق كل بدون بهذه المعاني العريضة؛ لكنك تراها في كلماته البسيطة وثباته العميق: نحن مظلومون ولسنا ظالمين. في ضميرنا، هذا يكفي لأن نشعر بالقوة فمصير ظالمينا معروف.

لم أجد إجابة عن جدوى الاستمرار ولكنني وجدت في نفسي غضبًا وإصرارًا ألا تذهب روح علي سدىً!!

سنظل نصرخ بأعلى أصواتنا:

كلما حاولوا تجهيل طفل، وسيفعلون!

كلما حاولوا تجويع أسرة، وسيفعلون!

كلما حاولوا منع علاج مريض، وسيفعلون!

كلما حاولوا تهجيرنا من وطننا وإعدامنا مدنيًا، وسيفعلون!

سنظل نحاول أن نستمر يومًا آخر كل يوم!

سنظل نلملم جراحنا وآلامنا وهزائمنا لننجو يومًا آخر كل يوم!

وسنظل نؤمن بأن لنا حقًا إنسانيًا أصيلًا في هذا الوطن وسننتزعه يومًا ما، وهذا إيماننا اليوم وكل يوم!

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد