dark_mode
  • الجمعة ٢٦ / أبريل / ٢٠٢٤
سكتة قهر - سندس

سكتة قهر - سندس

إنّ الدُّنيا دار فناءٍ وعناءٍ والآخرة دار بقاءٍ. فـاصبِرُوا لعلّ الله يُحدِثُ بعد ذلك أمراً، وما هذا إلا ابتلاء.

تلك الكلماتُ التي ردّدتها بـاستمرارٍ على مسامع ابنتي حبيبتي حتّى لا أفقدها، تلك البريئة التي حرمتها من التَّعليم إجبارا لا اختيارا، لم يكُن لدّي حيلةٍ فـالمال الذي أجنيه من بيع البطِّيخ لا يكفي لتسديد رُسوم دراستها هي وأخيها، فاخترت أخيها عنها، لعله بشهادته يُعِيل بيتي بعد مماتيّ.

ودقّت ساعةُ الفجر فقمت للصلاة وسمعت صوت نحيب صادرًا من حجرة، وما اقتربت حتَّى تعرّفت على هذا الصوت الذي حرق كُل بدني بنار القهر، صوت نَحِيب مليء بالألم، صوت ابنتي الغالية.

وبين السُّجُود والرُّكوع لم تقف دُموع القهر لحظة واحدة تلك الدّموع التي أخجلتني من نفسي، وبقيت في سجّادتي ساجدًا فـتحدَّثت دُموعي مع الله وأخبرتهُ أيّ ظُلم حلّ بنا: "رب لم أكن أعلم ما بأعماق تلك الصغيرة، وأنت أعلم بنكران وطنها لها وأنت أعلم بما ألحقوا بها من ظلم وخذلان، وأنت أعلم أيّ قهر حل بها..."، وقبل أن تُنهي دِموعي الحديث، سُلمت روحي إلى الله "بسكتة قهر".

والآن أصبحوا أبنائي يتامى الأب والوطن ولا يُواسيهُم إلا الشّوارع في الورد والبطّيخ.

______

سرقوا طُفولتي في وطني.

وسلبُوا الحلم من قلبي.

حُرّمت الأقلام أن تكون بين أصابعي.

وحتّى الورد والبطيخ أهلكني.

يوما بعد يوم نحد الحداد على الأرواح التي قُتلت انتحاراً دون رحمة مكتوبة على قبورهم "مجهولين الهويّة"..

نحدُ الحداد بصراختنا خوفًا أن يكونوا هم السَّابقين وأبناؤنا اللاحقين.

تاجروا في حُقوقنا كأنها امتياز لا حق!

وكما قالت غَيْهَبَان: "العالم صامت، قذر، حقير مع الضعفاء".

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد