dark_mode
  • الجمعة ١٩ / أبريل / ٢٠٢٤
عن مأساة عديمي الجنسية في العالم العربي - هشام محمد

عن مأساة عديمي الجنسية في العالم العربي - هشام محمد


يعرف القانون الدولي الشخص المنتمي إلى فئة عديمي الجنسية بأنه الشخص الذي لا تعتبره أي دولة مواطنا فيها بمقتضى تشريعها، ويعني ذلك، بعبارة بسيطة، أنه لا يحمل جنسية أي بلد، ويولد بعض الأشخاص عديمي الجنسية بالوراثة، لكن البعض الآخر قد يتحول إلى عديم الجنسية بالاكتساب. وعوامل انعدام جنسية الإنسان المعاصر كثيرة أهمها سياسات التمييز الفئوي والهوياتي، والنصوص والمواد الملتبسة والمتضاربة في قوانين الجنسية وأنظمتها، والتغييرات في كيان الدولة ومركزها القانوني والسيادي، وغير ذلك من عوامل كثيرة ومتشعبة.

ليس عالمنا العربي ببعيد عن تلك المشكلة الإنسانية والحقوقية الخطيرة، خصوصا في ظل وقوع السواد الأعظم من شعوبنا العربية تحت رحمة غطاء يستوجب مراعاة حقوق الإنسان والإنسانية، ومشكلة عديمي الجنسية العرب هي واحدة من تلك المآسي الكارثية التي خلفتها سياسات التهميش والتمييز والإقصاء عربيا، ومحصلتها نراها اليوم بأم العين، فمن أصل أكثر من 20 مليون إنسان حول العالم يعانون من انعدام الجنسية، هناك على أعلى تقدير يوجد حوالي أكثر من نصف مليون بدون جنسية في العالم العربي، وتتفاوت أوضاع التمييز والمعاناة لتلك الفئة بين بلد عربي وآخر بحكم أوضاع كل بلد وظروفه.

لم يترك البدون أو عديمو الجنسية العرب ومعهم مناصروهم وداعموهم من كيانات وشخصيات سياسية ومدنية شيئا إلا وفعلوه طوال العقود الأخيرة في سبيل حل قضيتهم بشكل إنساني ووطني عادل، وكان البدون العرب ومناصروهم عنصرا نضاليا فعالا وأساسيا في حراكات الشعوب العربية في 2011م وما بعدها حيث قدموا الكثير من التضحيات بالدم وبالكلمة وبالضمير الحي، لكن ومع بالغ الأسف، بقيت مأساة البدون أو عديمي الجنسية العرب [مكانك راوح]، ودفع البدون ومناصروهم العرب أثمانا مكلفة من جديد لتوقهم إلى الحق في الحرية والحياة!

لكي تستمر مسيرة النضال والكفاح للبدون أو عديمي الجنسية العرب فلتتضافر جهود كل المخلصين والعاملين لأجل تلك القضية لوضع استراتيجية عربية كبرى لتحقيق مطالب وآمال أبناء تلك الفئة في كل بلد عربي يعيشون فيه، وإسقاط سياسات التمييز والإقصاء بحقهم كافة، مع التأكيد أولا وأخيرا أن الحياة الحرة الكريمة لأبناء تلك الفئة لن تتحقق إلا حين تسقط عن الأمة العربية كل أغلال القهر والظلم والهيمنة سواء من جانب ظلمة الداخل من طغاة مستبدين وبغاة انتهازيين وغلاة إرهابيين أو من جانب ظلمة الخارج من محتلين ومستعمرين أجانب غاصبين، حيث تشرق على جميع العرب الأحرار من مشرقهم إلى مغربهم ومن محيطهم لخليجهم شمس الدولة الوطنية الديمقراطية الاجتماعية: دولة الرفاه والعدل والحرية والمعرفة للجميع.

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد