dark_mode
  • الجمعة ١٩ / أبريل / ٢٠٢٤
نبقى نسير ولا بقاء – عبد الله

نبقى نسير ولا بقاء – عبد الله

منذ بدأت إدراك أن لا منزلًا ثابتًا لنا، وأنه قد كُتب علينا أن نعيش تحت قيد ملّاك السكن ومزاجيتهم في أن يعلنوا ساعة الرحيل، أدركت أن لا ارتباط يجب أن يُخلق مع هذا المكان. أحاول دائما التخلص من حنين الطفولة وجولاتنا في العباسية في اكتشاف سكن العزابية وقذف أضواء البيوت التي يفرق بيننا وبين سكانها شارع وجنسية. 

انتقالي الأول الذي أدركته كانت محطته الأولى الحساوي كمنزل مؤقت علنا نجد مالك يقبل بعبيد يفوق عددهم السبعة. أصبح لدي اصدقاء من باكستان دعوني كثيرا للعب الكريكت رغم فشلي الذريع فيها. أذهب إلى راعي البقالة أخلق معه حديثا أكسب فيه ثقته بي لأستطيع بعدها أن أتسلف منه. 

انتقلنا إلى المحطة الثالثة، الأندلس قطعة أربعة، حيث الكثير من الأصدقاء، بقالة أبو مهند الثرثار، كنت أكرهه قليلا لأن قناته المفضلة كانت وصال وتجده يتابعها طيلة اليوم وكنت أحبه قليلاً لأن لا مانع لديه في أن تصل مديونيتي لدينار. محل القرطاسية الذي كنت أزوره دائما حتى وإن لم يكن لي حاجة من زيارته. أخرج منه إلى مطعم الفطائر أنا وحميد، عبد الله، حسين، وفيصل.
 
دقت ساعة الانتقال الرابع، تزوج أخي، ضاق البيت، صاحب السكن باع البيت والمالك الجديد رفع الإيجار، علينا الرحيل. إلى الآن لم أتجاوز هذا الانتقال، أحن إلى الأندلس وإلى الوقت الذي قضيته هناك تحديدا، لعب الكرة في الشارع ومطاردة المطيري لنا وتهديداته بأخذ الكرة إن عدنا للعب مرة أخرى. أبناء الحلاق الباكستاني وانبهاري بلهجتهم الكويتية ولعبهم للكريكت. البيت المهجور ورغبتنا الشديدة في الدخول. تعلمت ألعاب أخرى من أبناء الجيران، أتذكر ذهابنا أنا وحسين لممشى العارضية وغضب أبيه الدائم من ذهابنا هناك. قطعت علاقتي بهم وبكل ما يربطني من ذكريات وأماكن علني أستطيع التخلص من حنين الأماكن والأصحاب. خُلق عندي خوف مزمن من الارتباط بكل شيء ممكن أن يجلب بعده حنين لا يُشفى.
 
أصبحت أخاف الأصدقاء، أجهل تكوين العلاقات. أنسحب دائما خوفا من أن يتركونني أو أتركهم في منتصف الطريق. أخشى الحب، أخاف أن أتعلق بأحد ويتركني أو أتركه بسبب خوفي. عجزت شيئا فشيئا أن أبني أي نوع من العلاقات. ينتابني القلق دائما في خلق حديث مع أي أحد رغم عدم إظهاري لهذا الشعور.

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد