dark_mode
  • الأربعاء ٢٤ / أبريل / ٢٠٢٤
أبي بقالتي - بدون قلم

أبي بقالتي - بدون قلم

قبل أيام حاول شاب من البدون الانتحار بسبب شعوره بالظلم والقهر نتيجة مصادرة البلدية لبقالته التي يتحصل منها على ما يسد به رمق عائلته. تفاعل كثيرون مع هذه الحادثة في وسائل التواصل الاجتماعي، وأنا على يقين بأن هذه التفاعل المؤقت لا يسمن ولا يغني البدون من جوع طلب النصرة، فحالات الانتحار بين أوساط شباب البدون والتي بدأت تظهر بشكل واضح في السنوات الأخيرة لن تتوقف في ظل هذا الخذلان الشعبي الرهيب وفي ظل تفاعل لا يتجاوز يومًا وليلة من التغريد ثم "يا دار ما دخلك شر".

لله در البدون فهم مسالمون على طول الخط، وهذا ما عاهدوا أنفسهم عليه، فهم حتى عندما يضيقون ذرعًا بهذا الكم الهائل من الظلم يفكرون في الرحيل بهدوء دون أن يزعجوا أحدًا كدمعة تنزل من عيون الوطن فتسقط على ترابه دون أن يشعر بها أحد، ينتقمون من خصومهم عبر التخلص من حياتهم، مسالمون حتى في رحيلهم وانتقامهم ممن ظلمهم.

لست أحاول هنا التهوين من شأن الانتحار والعياذ بالله، ولكني أجد حرجًا أن أتحدث عن ردة الفعل وأترك الفعل وأن أتحدث عن الصدى وأترك الصوت؛ فمحاولة الانتحار هذه لن تكون الأخيرة بلا شك فمسلسل مضايقات البدون في السنوات الأخيرة بات ينغص عليهم حياتهم، فحرمانهم من أبسط حقوقهم ما هو إلا محاولة قتل بطيء لهم أو دفعهم للهجرة أو الرضوخ لمطالب خصومهم الذين يحاولون إرغامهم على الإقرار ببيانات غير صحيحة.

لا أسوأ من أن يرى الإنسان أحلامه تتضاءل وتصغر أمام عينيه بعد أن كان يغذيها من خياله ويقويها بدعائه حتى يصبح أعظم أحلامه بطاقة صالحة ومصدر دخل محدود يمكنه من دفع إيجاره، رغم أن هذه الأمور هي في الأساس حق من حقوقه، لذلك لا تستغربوا حين تسمعون شابًا مقهورًا يصيح بأعلى صوته "أبي بقالتي"، كان يبحث عن وطن وعن سكن وعن شهادة وعن حياة كريمة لكنه تنازل عن أحلامه واحدًا تلو الآخر وأضحت كل أحلامه متمثلة في بقالة تقيه ذل السؤال والمبيت في العراء.

ارحموهم يرحمكم الله وأبعدوا حروبكم معهم عن مصادر كسبهم لرزقهم واعلموا أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض، فكيف بمن يحبس عباد الله ويمنعهم من كسب رزقهم ويدفعهم دفعًا نحو الانحراف أو الانتحار.

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد