dark_mode
  • الأربعاء ٢٤ / أبريل / ٢٠٢٤
بنك وكرك - عايد العنزي

بنك وكرك - عايد العنزي

قصة واقعية من مشهد واحد وبطل واحد. دراما سوداء لواقع شاب من البدون يقف يوميا لمدة عشر ساعات في دوار إحدى المناطق السكنية يبيع "بنك وكرك". توقفت عنده وتحدثت معه كثيراً فقدم لي كوباً من الكرك الساخن وسرد لي قصته وهو في مقتبل العمر؛ حيث لم يتجاوز العشرين عاما ولكن حديثه وهمته تتجاوز عمره بكثير. ذهب والده باسم الوطن في عام 1973 للحرب مع الجيش الكويتي دفاعاً عن الأراضي العربية. تحدث عن والده كثيراً إعجاباً وإجلالاً وها هو الآن يجلس على حافة الطريق وعلى هامش الزمن يبيع "بنك وكرك" لكسب قوت يومه والمفترض أن يكون مواطنا منذ ولادته فيتخرج طبيبا أو مهندسا لخدمة وطنه ووطن والده.
 
هنا ومن غير مقدمات قفز إلى ذهني فيلم مصري اسمه "سمك لبن تمر هندي" ولا أعرف سبباً لربطه مع قصة الشاب البدون. شاهدته حين عرض عام 1988 ولم أفهم في وقتها الفانتازيا التي جسدها هذا الفيلم إلا اليوم، فشاهدته مرة أخرى فهو يجسد واقعاً لطبيعة حياة المجتمعات الفقيرة والتهميش والإقصاء الذي تعيشه.

تحدث الفيلم- وهو من تأليف وإخراج وسيناريو المبدع رأفت الميهي وبطولة النجم محمود عبد العزيز ومعالي زايد وآخرين- عن الطبيب البيطري، أحمد "سبانخ" الذي يستيقظ في الصباح ليجد شقيقته تشتكي من انقطاع الماء، ووالدته ما زالت تنظر إلى صورة شقيقه الذي سافر إلى الخارج للعمل. يعرف أحمد أن والدته تسدد مبلغ شهري لوالد خطيبته "قدارة " ليكون بمثابة مهر لزواجه من خطيبته التي لا تزال خطيبته منذ عشرة سنوات. يثور أحمد لانقطاع الماء وللمبلغ الشهري المدفوع، ويهرع إلى شقة خطيبته ليهاجم والدها الذي هو أيضا مالك المبنى والمسئول عن انقطاع الماء.

يتوفى والد أحمد سبانخ فيذهب لاستلام جثته القادمة إلى مصر من الخارج حيث كان يعمل، مصطحبًا معه خطيبته قدارة، لكن "ملاك" ضابط الانتربول يرفض تسليمهم جثة أبيه حيث أن موضوع وفاته قيد البحث والتحقيق لأن والده كان إرهابيًا، بل ويتهم أحمد وخطيبته قدارة بأنهما إرهابيين أيضًا.
يأخذ الفيلم اتجاه آخر بشكل فانتازيا مثيرة حيث الشرطة الدولية تطارد البطل وخطيبته، وأيضًا تطاردهم جهة إرهابية أخرى كانت السبب في سفر والده للخارج مقابل مبلغ شهري يسدده.

القاسم المشترك بين واقع بائع "بنك وكرك" وقصة سمك لبن تمر هندي واحد وهو الحرمان من أبسط حقوق الإنسان في الحياة الكريمة، فكم بائع "بنك وكرك" في هذا العالم محروم؟ وكم أحمد سبانخ مظلوم؟ 

ما جعلني أقف احتراما لبائع "بنك وكرك" هو الكسب الحلال رغم بساطته ولم يكن بطل قصتي  مجرما كما لم يكن بطل الفيلم إرهابيا.
 

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد