dark_mode
  • الخميس ٢٥ / أبريل / ٢٠٢٤
الكويتيون البدون والتعليم في الكويت - فاطمة بدر

الكويتيون البدون والتعليم في الكويت - فاطمة بدر

إن معظم أبناء الكويتيون البدون رغم ما يملكونه من قدرات جسدية وأخرى عقلية فكرية، لا يتم استخدامهم رغم حاجة الكويت للأيدي العاملة، وإن استغلال قدراتهم في مختلف قطاعات الدولة كل حسب ما يملك من مهارات يقلل من استقدام العمالة من الخارج والذي تسبب بدوره بزيادة سكانية مفرطة بمعدل مليون كويتي إلى ثلاثة ملايين غير كويتي (حسب التقرير الصادر عن الإدارة المركزية للإحصاء)1.

وإنه بالإضافة إلى ذلك عُرف عن الكويتيين البدون منذ تأسيس دولة الكويت بالهمة والولاء أولا لهذه الأرض التي نشأوا فيها وتربوا على أرضها وثانيا لجهة العمل التي يسترزقون من ورائها لتوفير لقمة العيش الحلال لأبنائهم، والدليل وجود شهداء (بدون) دافعوا عن هذه الأرض بأغلى ما يملكون في مختلف الحروب ولا يتهاونون قيد أنملة في الدفاع عنها كونها الأرض التي تحتضن وتحتوي عوائلهم، لذا فالدفاع عنها هو دفاع عن عرضهم وشرفهم وهذا إن دل على شيء فهو دليل على أنهم لا يرون سواها وطنا يحتويهم، وآخر هذه الأدلة وأحدثها هو عندما تعرضت الكرة الأرضية لوباء عالمي أودى بحياة الكثيرين ولم يكن واضحا حينها مصير من يواجهه سوى الموت، فلم يتأخر أبناء الكويتيين البدون عن هذه المواجهة في مختلف القطاعات كل حسب عمله، وعليه اتضح لنا في بداية هذا البحث أنه لا غبار على عنصر الولاء والهمة والعطاء لدى أبناء هذه الفئة.

وهم أيضا رغم ما قاسوه على مر السنين من انتهاكات لحقوقهم المدنية والاجتماعية إلا أن هذه الانتهاكات لم تؤثر على ولائهم لهذه الأرض، فالولاء للأرض ثابت لم يتغير ولا يمكن أن يتهم على أنه طمع في المال والمقدرات والمميزات الوظيفية وغيرها، فلو كان كذلك لتراجع وتغير منذ أول صعوبة واجهتهم في الحصول على ما يطمعون به، ولكنهم ثابتون على ذلك الولاء المبني على تاريخ يربطهم مع هذه الأرض منذ سنين عديدة بل قبل أن يتم إعلان أن الكويت دولة مستقلة.

إن الايجابية في استغلال قدرات الأفراد من فئة عديمي الجنسية في كل القطاعات بلا شك يعود بالنفع على القطاع نفسه وعلى المجتمع بشكل عام في عدة مجالات، ولتوضيح النفع المرجو بعد استغلال قدرات الكويتيون البدون، سنطبق هذا القول على قطاع التربية والتعليم مثلا.

فلا يخفى عليكم أن هذا القطاع حساس جدا لما له من دور في تحديد نوعية الإنسان في المجتمع الكويتي للسنوات المقبلة، ومما لا شك فيه أن المدارس والمعاهد والجامعات هي من تساهم في تربية الأبناء وتشكيل مستواهم العلمي والفكري والثقافي جنبا إلى جنب مع الأسرة، أي بالتعاون بين الطرفين يتشكل لدينا جيل ذو صبغة معينة. كما أنه جدير بالذكر أن تطور باقي القطاعات في الدولة يعتمد بالمرتبة الأولى على هذا القطاع.

وإن أردنا تسليط الضوء على الوضع الحالي لقطاع التربية والتعليم وما الإيجابية المستقبلية في استغلال قدرات أبناء الكويتيين البدون في هذا القطاع، فلنتعرف أولا على مركز الكويت في التعليم بين بقية دول العالم، فإن "الإحصائيات الدولية الأخيرة" تقول بأن: (الكويت تحتل مركزا متأخرا جدا من بين 137 دولة عالميا في جودة التعليم) 2. وهذا الأمر يؤكد على وجود خلل واضح وكبير في العملية التعليمية في الوقت الذي يجب أن تكون فيه الكويت في مصاف الدول الأوائل في جودة التعليم، وأن هذا التأخر مستغرب في ظل توفر الإمكانيات المادية والعقول النيرة من أبناء البلد لإدارة العملية، والسؤال هو: لماذا هذا التأخر في ظل توفر هذه الإمكانيات؟ والجواب يكمن في اختيار المنفذين للعملية، (وليس الكل طبعا) فهناك ممن يعمل في السلك التعليمي من المواطنين وقلة قليلة من الوافدين الذين هم في أعلى المستويات من الكفاءة ويبذلون ما لديهم من قدرات بل وأكثر وإن كان ذلك من جيبهم الخاص لجعل العملية التعليمية مواكبة للعصر، ولكن الأغلب ممن تمت الاستعانة بهم من خارج الكويت من دول مختلفة لا يملكون أدنى المقومات التي تؤهلهم لاستلام هذه المهمة الدقيقة، بالإضافة إلى أن جل أهدافهم هي جمع بعض المبالغ ومن ثم العودة إلى بلادهم لاستئناف حياتهم بغض النظر عما إذا تحقق استخراج جيل يواكب العصر والتطور الحالي أم لا. وقد ظهرت العديد من السلبيات لجلب معلمين من الخارج سواء تم تناقلها في وسائل الإعلام أو تم تناقلها في الخفاء خوفا من الفضيحة والتأثير في مستقبل الطلبة الاجتماعي، ومن هذه السلبيات التي جلبها المعلمون من الخارج وأثرت على أبناء البلد إما الإلحاد وإما التحرش الجنسي أو الانحراف عن الطبيعة البشرية والتحول لمثليين وإما اعتناق بعض الأفكار السياسية التي تثير الفتن، وإما إدخال عادات لا تليق بمجتمعنا المحافظ وما ترعرع عليه من عادات وتقاليد، وإما عدم الاكتراث في توجيه أبناءنا لما فيه مصلحتهم ومصلحة البلد.

وعليه من المجدي أن يتصدى لهذا الدور أشخاص من رحم المجتمع نفسه، يصيبهم ما يصيب المجتمع (ينفعهم ما ينفعه ويضرهم ما يضره)، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن أفضل أنواع الاستثمارات هي الاستثمار في الإنسان نفسه 3. ولتوضيح مفهوم هذه الدراسة وكيف يمكن أن تكون مبدأ يستفاد منه في البحث، فأغلى ما تملكه الشركات ليس المباني ولا المصانع وإنما هو موظفيها لا سيما المتميزين منهم، لذلك تسعى كل شركة كبرى للحفاظ على موظفيها المبدعين، وعدم التفريط بهم أبدا لأنهم جزء من رأسمال الشركة وحتى عندما تباع الشركات يتم حساب جزء من قيمتها بما تمتلكه من عمال وموظفين مهرة وهي قيمة قل النظر لها في عالمنا العربي، وخير مثال على ذلك ما حققته سنغافورة في النهوض بمستواها المعيشي على كافة الأصعدة بعد أن كانت دولة فقيرة لا تمتلك من الموارد ما يؤهلها لمنافسة الدول المتقدمة.

إن هذه الفكرة كانت موجودة لبعض الوقت. ولكن مع توفير بيانات أفضل، وزيادة الشفافية في تبادل تلك البيانات، وظهور أدوات تحليلية جديدة أكثر قوة، فإننا ندرك الآن أن العلاقة بين رأس المال البشري والنمو الاقتصادي يمكن أن تكون أعمق بكثير مما كنا نتخيله، وتحتاج البلدان المختلفة إلى الاستثمار على وجه السرعة في بناء رأس المال البشري لأن التسارع التكنولوجي يغير من طبيعة العمل. وتقدر بعض الدراسات أن العديد من أطفال المدارس الابتدائية اليوم سيعملون في وظائف أو مجالات غير موجودة بعد. لذلك تحتاج البلدان المعنية إلى الاستثمار في تنمية ما ستحتاجه شعوبها من مهارات في اقتصاد المستقبل، مثل التفكير النقدي، وحل المشكلات، والتعلم مدى الحياة.

وإنه من الذكاء أن يتم الاستثمار في الكويتيين البدون للتصدي للعملية التعليمية ولكن بتهيئتهم أولا والسماح لهم بإكمال دراساتهم العليا ومن ثم تجنيدهم في هذا القطاع، وإن كل ما سينفق على تهيئتهم لن يذهب هباء منثورا فهم لن يتركوا الدولة ويغادروها ليعودوا لأوطانهم بعد فترة من الزمن، بل على العكس سيعود بالنفع التام على الدولة والمجتمع، كما أن الوزارة لن تضطر إلى دفع رسوم إقاماتهم في البلد مما يقلل من هدر أموال الدولة، واستغلال تلك الأموال في توفير المصادر والبرامج التعليمية العصرية.

وإن استغلالهم في قطاعات الدولة هي خطوة قد تأخرت كثيرا، وقد تمت تجربتها مسبقا في الستينات والسبعينات والثمانينات ولم يذكر قط أنها أضرت بالدولة ومقدراتها، بل سيساعد الكويتيين البدون أيضا على انتشال أنفسهم من براثن الفقر؛ وأن نتمكن من بناء أسس جديدة للتضامن الإنساني، وحماية المجتمع من العديد من الآفات كانحراف الشباب وانتشار المخدرات، فمن المعروف أن البطالة وصعوبة العيش تجعل الأشخاص والمجتمع عرضة للانحراف، وقد تضر أيضأ بالدولة واقتصادها، ومن السلبيات التي تسببها البطالة على الفرد والمجتمع:

    * المال غير الكافي: فإذا لم يكن هناك مصدر دخل فلن يشعر الشخص بأي استقرار، وخاصة إذا كان لدى هذا الشخص أسرة يعولها.

    * القضايا الصحية: وهو من التأثيرات السلبية الأكثر تأثيرا، وقد يكون تأثيرها فردي، حيث أن كون الشخص عاطل عن العمل قد يجعله يعاني من الاكتئاب وتدني احترام الذات والقلق، وغيرها من مشكلات الصحة العقلية، وكثرة تفكيره في الوظيفة يسبب له الكثير من الإجهاد، والضغط على الجسم.

    * القضايا الاقتصادية: حيث أن البطالة يمكن أن تؤدي إلى الفقر، فلا يوجد دخل للشخص، مما يزيد عليه عبء الديون، وهذا يؤدي بدون شك إلى مشاكل اقتصادية.

    * القضايا الاجتماعية: حيث أن الأشخاص الذين يعانون من البطالة من الممكن أن يرتكبون العديد من الجرائم بسبب أنهم يعيشون في فقر، ويحتاجون إلى المال، وهناك علاقة طردية دوما بين معدلات البطالة، وارتفاع معدلات الجريمة، ويبدأ الأشخاص العاطلين عن البحث عن الأموال بطرق غير مشروعة كالسرقة والقتل.

 

لذا إن استغلالهم في العديد من الوظائف وأهمها وظائف التعليم هو مما لا شك فيه يصب في مصلحة الجميع، والأولوية تعود أكيد لأكثر قطاعات الدولة حيوية ألا وهو قطاع التعليم والذي لا بد أن يواكب التعليم أو التدريس المعاصر.

إن التدريس المعاصر بالإضافة لكونه علما تطبيقيا انتقائيا متطورا هو عملية تربوية هادفة وشاملة، تأخذ في الاعتبار كافة العوامل المكونة للتعلم والتعليم، ويتعاون خلالها كل من المعلم والتلاميذ، والإدارة المدرسية، والغرف الصفية، والأسرة والمجتمع، لتحقيق ما يسمى بالأهداف التربوية، والتدريس إلى جانب ذلك عملية تفاعل اجتماعي وسيلتها الفكر والحواس والعاطفة واللغة، وإنه من الجدير بالاهتمام لتحقيق أقصى درجات الانسجام والتعاون بين المعلم والطالب أو الإداري والطالب، أن يكون المعلم والإداري من ذات المجتمع الذي ينتمي إليه الطالب، فهناك عامل نفسي لدى الغالبية العظمى من الطلبة يمنعهم من تلقي التوجيهات بل وحتى المعلومات ممن ينتمي المجتمع أخر، وفي ذات الوقت يصدر منهم التجاوب المطلوب إذا كان المعلم والإداري من ذات البيئة مما يدفع بالعملية التربوية والتعليمية للأمام.

وممكن أن نختصر ما جاء في البحث في الآتي:

   * الكويتيون البدون ذوو همة وولاء وعطاء.

  *  قطاع التعليم من أهم القطاعات في الدولة وبناء على تطوره يكون تطور باقي القطاعات.

  *  يجب ألا يسلم قطاع التعليم إلى من لا ترتبط مصلحتهم مع مصلحة البلد.

  * إن الوضع الحالي للتعليم متأخر رغم توفر الإمكانيات المادية والإدارة الوطنية الواعية.

  * إن جلب معلمين من الخارج له من السلبيات ما له على العملية التعليمية وعلى أبنائنا الطلبة والمجتمع.

  * الهدف الرئيسي لأغلب المعلمين من الخارج هو جمع ما يحتاجونه من أموال ثم العودة لديارهم وليس الرقي بالمجتمع.

  * الكويتيون البدون أحد مكونات المجتمع ومن الطبيعي أن تصب مصلحته في مصلحة المجتمع.

  * إن استغلال البدون يحمي المجتمع والفرد من المشكلات الاجتماعية الخطيرة.

  * جلب المعلمين من الخارج يساهم في هدر أموال الدولة.

  * كل ما يتم إنفاقه على تهيئة المعلمين الكويتيين البدون ليواكبوا التطور التعليمي لن يذهب هباء حيث أنهم أبناء هذه الأرض.

  * أغلب الطلبة لديهم عامل نفسي يمنعهم من التجاوب والانسجام مع المعلمين والإداريين من خارج المجتمع الكويتي.

 

المراجع:

   1.    https://www.csb.gov.kw/Pages/Statistics.aspx?ID=18&ParentCatID=2

   2.    http://www3.weforum.org/docs/WEF_GGGR_2021.pdf

   3.    Why investing in humans could be the next safe haven asset class (cnbc.com)

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد