dark_mode
  • الجمعة ٢٩ / مارس / ٢٠٢٤
في قانون مرزوق - حارث الساعي

في قانون مرزوق - حارث الساعي

في 5 فبراير 2020، نزل رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم عن منصة الرئاسة في قاعة عبد الله السالم ليتحدث -لمدة 40 دقيقة- عن اقتراح القانون الذي قدمه بخصوص قضية "البدون"، بالإضافة إلى حالات مستحقة وغير مستحقة للتجنيس، وما لفتني في تسويقه لاقتراحه على أنه "منصف"، هي الحالة التي أشار لها لأشخاص "بدون" جدهم عقد قرانه في الكويت عام 1919م، حيث قال بأن أحفاد هذا الرجل -وفقا لاقتراحه- يستحقون التجنيس!

رغم مرور أكثر من سنة ونصف على تلك الجلسة، لم يخرج أحد لينبه الرئيس عمّا فاته، وهو أن أحفاد الرجل المشار إليه، يعتبرون كويتيين بالتأسيس حسب قانون الجنسية الكويتي وليس حسب اقتراحه، فقانون الجنسية الكويتي ينص في مادته الأولى على أن (الكويتيون أساسا هم المتوطنون في الكويت قبل سنة 1920م، وكانوا محافظين على إقامتهم العادية فيها إلى يوم نشر هذا القانون. وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع)، بمعنى، أن هؤلاء الأحفاد يفترض عند العلم بحالتهم تسليمهم جنسيتهم فوراً وتعويضهم عن سنوات الشقاء التي عاشوها بلا جنسية، لا سيما وأن كل أعمامهم حصلوا على الجنسية وفقًا للمادة الأولى ولم يتبق سوى والدهم الذي أيًا كانت أسباب عدم حصوله على الجنسية، لا يعني حرمانه منها، بل أن تبادر الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتسليمهم جنسياتهم.

أما الحديث عنها كملف "نظيف" وأنهم مظلومون فهذا لا يدلل على الإنصاف إنما على إدانة بعض المؤسسات المعنية التي تعلم بأمرهم طوال هذه العقود ولم تنصفهم باعتبارهم كويتيين بالتأسيس بقوة القانون الحالي.

ظننا أن قانون الغانم انتهى، لا سيما بعد الأحداث السياسية العديدة التي مرت بها الكويت والعالم، لكن إعادة طرحه اليوم، سواء بقصد إقراره فعلًا أو لإلهاء الشارع عن قضايا أخرى، تتطلب منا وقفة.

هذا الاقتراح يذكرنا بنتائج الاختبارات التي تكون في ورقة واحدة كُتب عليها "لم ينجح أحد"، وبغض النظر عن قول البعض أن شرائحَ من البدون مستفيدة وسوف تُجنس حسب هذا الاقتراح مثل (أبناء الكويتيات – الخدمات الجليلة – حملة إحصاء عام 1965)، فإن من يجيد القراءة ويعرف ألف باء القانون يعي هذا غير صحيح إطلاقًا.

إن النص المزعوم المتعلق بالتجنيس هو في الباب الثاني – الفصل الأول – المادة (3) الذي ينص على:

"يعد الجهاز كشوفاً بالحالات المستوفية للشروط والضوابط والمعايير المطلوبة للحصول عليها لاستصدار المرسوم اللازم بناء على عرض الوزير، تطبيقاً لأحكام البنود أولاً وثانياً وثالثاً من المادة (5) من قانون الجنسية، وتكون للحالات التي قامت بتعديل وضعها القانوني الأولوية في التجنيس"

 

  هذه المادة تكشف صراحةً أن الأمر لا يعدو كونه إعداد كشوف فقط، أما من تنطبق عليهم بنود قانون الجنسية أولًا وثانيًا وثالثًا من المادة (5)، فأيًا كانت شرائحهم فالأمر غير مُلزم بتجنيسهم، لأن التجنيس في حالتهم "جوازي" وليس "إلزامي"، بمعنى أنه لا جديد في الأمر كما يحاول أن يبين البعض، بالإضافة إلى أن الجهاز المركزي هنا في هذا الاقتراح يمارس نفس دوره الذي سنه له المرسوم رقم 467 لسنة 2010 وتحديدًا في مادتيه رقم (2) ورقم (6).

 

إذن ما الجديد في قانون رئيس مجلس الأمة؟

الجديد هو إكراه الناس على القبول بحلول تنفي "كويتية" البدون بشكل نهائي، وإطلاق يد بعض الأجهزة تجاههم لحرمانهم من الحقوق "الأساسية" بشكل صريح وفق القانون في حال لم يقبلوا بهذا "النفي"، وإن الدولة وكل سكان الأرض يعلمون بأن البدون لا يمكنه استخراج جنسية كما ينادون، ولا توجد دولة تعترف ببدون الكويت على أنهم من رعاياها.

 

أما التجنيس، فباعتباره جوازيًا وليس إلزاميًا "فالنفي" سيشمل حتى من يظن أنه خارج الدائرة، فهم حتى إن جنسوا -مثلًا- جميع أبناء الكويتيات فعددهم لا يذكر أمام البقية، رغم أن منهم أيضًا من يعاني كما هو الحال مع من ينطبق عليهم "أصحاب أعمال جليلة" و"حملة إحصاء 1965" من قيود أمنية عديدة منوعة توضع على هوياتهم، وبهذا سوف تستمر القضية وتتعاظم المعاناة طالما أنه لا يوجد إلزام في القانون إلا بما يتعلق بالحصول على جنسيات أجنبية أو بالحرمان من الحقوق الأساسية.

لذلك فإن اقتراح القانون هذا لن يقبل به حكيم، لأنه سيورط الدولة قبل البدون، ولا أعلم كيف كتبه بعض المستشارين القانونيون للرئيس الغانم، ولم يخبروه أنه لا يمكن سن تشريع يقول للفرد البدون: أخرج جنسية لا تمتلكها أو اقبل بجنسية نجلبها لك من بلد لا تعرفه وإلا..!

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد