dark_mode
  • الخميس ٢٥ / أبريل / ٢٠٢٤
حوارات البدون اليومية: بين الاحتواء المطلق والإقصاء المتوحش - جاسم محمد الشمري

حوارات البدون اليومية: بين الاحتواء المطلق والإقصاء المتوحش - جاسم محمد الشمري

حوارات البدون اليومية: بين الاحتواء المطلق والإقصاء المتوحش؛ ندفع أعمارنا ثمنا لسياسة مرتبكة في التعامل مع الوجود القانوني لنا!

·       سؤال الهوية الحاضر.. هل الأصل هو الجنسية.. وهل نحن مشكلة كويتية أم إقليمية؟

في ثمانينات القرن الماضي انتشرت رواية في أوساط البدون أن دولة خليجية تريد استقطابهم ليكونوا مواطنيها وأن أحد أقطاب الرواية وقف سدا منيعا أمام ذلك الهدف متعذرا أن هؤلاء مواطنون كويتيون وحينها كان جل المنتمين لهذه الفئة آباء وأبناء من العسكريين إما في الجيش أو الشرطة.

ينقل هذه الرواية أبو محمد الذي يقترب من عقده السابع وتبقى له سنيات معدودات ليواجه مصيرا داكنا بعد أن يسرح من الخدمة العسكرية لبلوغه السن القانونية لذلك ولا يعلم كيف سيدير أموره المعيشية مع وجود أبناء له لم يبلغوا الحلم بعد.

يقول أبو محمد: ما لا يريدون الاعتراف به أن آلية معالجة القضية المعتمدة حاليا من السلطة خاطئة، ففي حين كان الاحتواء والاحتضان سياستها في ربع القرن اللاحق للاستقلال تحولت هذه السياسة إلى التهميش والإقصاء خلال ربع القرن التالي، بل وواكبها حالة من التضييق المعيشي غير المسبوق.

يضيف بشيء من التصرف من قبلي: لو أن أصحاب القرار حينها أعلنوها صريحة أنكم يا معشر البدو الرحل الذين استوطنتم هذه الأرض قبل عشرات السنين لا مقام لكم فيها لربما اختارت كثير من القبائل النزوح شمالا أو جنوبا بحثا عن وطن يليق بهم إلا أن الخطاب كان دائما باتجاه أنهم أبناء الكويت، ويقول: ليس بالضرورة أن يكون الخطاب كلاما يقال، بل كان يدل عليه الفعل ذاته حينما تفتح لهم الدولة أبواب العمل وتغدق عليهم العطايا والهبات والرواتب والمزايا فيؤمنون أنهم فئة مرغوب بها وأن لا مجال مطلقا للتخلي عنها في قابل السنوات.

مناسبة الحديث مع أبي محمد كان مقطعا صوتيا انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي مفاده حوار أجرته قناة من دولة عربية يتحدث بها عن البدون على اعتبارهم مواطنين من بلاده مدللا على ذلك بأنهم ينتمون إلى قبائل تنتمي إلى مناطق هناك.

يقول أبو محمد: هل نحن مشكلة كويتية أم أننا مشكلة إقليمية؟

ويلتقط طرف الحوار أبو عيسى الذي يكسب قوت يومه من المتاجرة في السيارات المستعملة بعد أن رفضت عودته إلى مقر عمله السابق في إحدى القطاعات العسكرية بعد تحرير البلاد من براثن الاحتلال الآثم دونما سبب مقنع. يقول أبو عيسى: هناك مشكلة حقيقية في الخلط بين الأصل والجنسية. ويضيف: أسمعت أحد أصدقائي ويحمل الجنسية الكويتية مقطعا يتحدث به طلبة جامعة في بلد مجاور فكان رده أن هؤلاء ليسوا مواطنين لهذه الدولة. هم لا يتحدثون لهجة هذا البلد.

يضيف: هذا ما أردت إيصاله، الأصل ليس دليلا على الجنسية وكونك من القبيلة الفلانية لا يعني مطلقا أنك من البلد العلاني. وهذا ما لا يريدون الإشارة إليه مطلقا وهم يتعاطون حلولا لهذه المشكلة.

يرد أبو محمد أن جميع هذه الدول لم يكن لها وجود سياسي قبل مئة عام من الآن وأقصى ما وجد منها إمارات محدودة التأثير في محيطها ولا تملك سلطة فرض القرار على أبعد من كيلومترات محيطة بموقعها الجغرافي. ويضيف: هل أجاب أحد ما عن سبب إغلاق لجان الجنسية بعد سنوات قليلة من مباشرتها أعمالها في ستينيات القرن الماضي. وهل أجاب أحد ما عن سبب ترك آلاف السكان دون هوية محددة على مدى ربع قرن بعد إغلاق هذه اللجان.

ويجيب أبو عيسى: تعامل إحدى دول الجوار مع أبناء القبائل كان حكيما إذا أضفت على إقامتهم في أراضيها مشروعية قانونية بعدما صنفتهم حسب انتمائهم القبلي وفقا لضمانات من مشايخهم المعتمدين لديها ثم منحتهم بطاقات إقامة تجدد كل خمس سنوات وبعد ربع قرن تقريبا بدأت بمنحهم حق المواطنة. ويتابع: لماذا لم تستفد الدولة هنا من هذه التجربة على مدى الثلاثين عاما الماضية لتصل إلى حل جذري لهذه المشكلة؟ لماذا يستكثرون المواطنة على الأقل لجيل ولد بعد نكبة الغزو الآثم وأكمل عامه الثلاثين حاليا؟ أليس ذلك شيء من العبث لا طائل منه إلا تشتيت الأسر وتكبيلها بأعباء معاناة نفسية ومعيشية قاهرة؟

حوار يدور مثله العشرات يوميا بين أوساط البدون الذين يدفعون ثمن خطيئة سلطة أضاعت بوصلتها في التعامل مع مواطنين مفترضين؛ بين احتواء مطلق ثم إقصاء متوحش. 

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد