dark_mode
  • السبت ٢٧ / يوليو / ٢٠٢٤
أيها البدون المتفائلون.. تشاءموا إنهم يحسدون الفقير على

أيها البدون المتفائلون.. تشاءموا إنهم يحسدون الفقير على "موتة" الجمعة - جاسم محمد الشمري

    • استدلال فاسد.. حينما يستنتج كاتب أن قلة جرائم البدون مؤشر لجودة أحوالهم المعيشية.
    • أغلب التعليقات على تغريدة الكاتب أرجعت قلة مستويات الجريمة إلى التربية الصالحة للفرد البدون.

    مؤلم أن نستحضر المثل الشعبي يحسدون الفقير على موتة الجمعة في وصف ما أورده ذلك الكاتب الذي استنتج أن قلة عدد جنح البدون، النسبية، ربما يكون مؤشرا على أن أوضاعهم المعيشية والمادية ليست بذلك السوء الذي يحاول البعض تصويره!

    وهو بذلك يريد القول إن الأوضاع المعيشية السيئة التي يدعيها البدون غير حقيقية وإلا كانت أعدادهم في ارتكاب الجريمة بنوعيها الجنائي والجنحي أكثر مما هو معلن وفقا للإحصاءات الرسمية.

    وهنا يبرز السؤال: هل بالضرورة أن ينحرف مسار أبناء الفئات المهمشة إلى الخروج على قانون المجتمع إن لم تكن لهم القدرة على مسايرته معيشيا.

    الاتجاه الاجتماعي في تفسير الظاهرة الإجرامية يستند إلى عوامل خارجية لا تتصل بالتكوين العضوي والنفسي للفرد وإنما بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية وغيرها من الظروف المحيطة بالشخص.

    هذا الاتجاه في تفسير الجريمة نشـأ في الولايات المتحدة الأميركية حيث أخضع علماء الاجتماع "السلوك الإجرامي" للقواعد التي تخضع لها كل صور السلوك الاجتماعي وقد تعددت الدراسات في هذا المجال واتصفت في البداية بالطابع الفردي بدراسة حالات فردية وبث نوعية معينة من الجرائم كل على حدة. وفي محاولة لوضع تفسير عام ظهرت بعض النظريات المفسرة للسلوك الإجرامي استناداً لعوامل اجتماعية. وأخذت هذا الدراسات أسلوبين:

    الأول: دراسة صور التنظيم الإجرامي وعلاقته بمعدل الجريمة لمحاولة التعرف على كيفية ظهور الجريمة وارتباطها بالتنظيم أو التركيب الاجتماعي.

    الثاني: دراسة الكيفية التي يصبح الفرد وفقاً لها مجرماً بدلاً من أن يكون سلوكه مطابقاً للقانون والضوابط الاجتماعية.

    وقد تعددت النظريات الاجتماعية في هذا الاتجاه وأهمها: نظرية التفكك الاجتماعي وتستند في تفسيرها للجريمة لما يسود المجتمع من تنازع أو تضارب يعبر عنه بالتفكك الاجتماعي، وهنا ميز الباحثون بين أنواع المجتمعات وبين تطور حياة الفرد داخل المجتمع، ومن ذلك التمييز بين أنواع المجتمعات؛ حيث ميز أنصار النظرية بين المجتمع الريفي البدائي والمجتمع الحضري الحديث، ولاحظوا أن المجتمع الريفي يتميز بالانسجام والرقابة المتبادلة بين أعضائه وتسوده مجموعة من القيم والمبادئ والعادات والتقاليد ويعيش أفراده حياة مشتركة لخدمة مصالح الجماعة ولهذا تخلو حياتهم غالباً من النزعة الفردية والصراعات المتبادلة. ويترتب على ذلك انخفاض معدل الجريمة بشكل كبير في المجتمع الريفي. وعلى العكس منه فإن المجتمع الحديث يتصف بالتعقيد والتشابك وتضارب المصالح والصراع بين أفراده الذين ينحدرون من مجتمعات مختلفة العادات والتقاليد؛ ولهذا تسود هذا المجتمع الروح الفردية ومحاولة كل فرد تحقيق مصالحه الشخصية ولو على حساب الآخرين دون مراعاة للقيم والمبادئ والضوابط اللازمة للحياة في المجتمع فيخالف الفرد القانون ويرتكب الجرائم.

    أما نظرية المخالطة الفارقة، والتي تنسب إلى العالم الأمريكي سندرلاند، فتفسر السلوك الإجرامي على أنه تعبير عن مجموعة من الحاجات وعلى أساس أن السلوك غير الإجرامي يعبر أيضاً عن نفس الحاجات فالحاجة للمال قد تدفع الشخص للجريمة وقد تدفعه لمضاعفة العمل الشريف. ويرى سندرلاند أن السلوك الإجرامي يأتي من خلال التعلم حيث يكتسب الشخص السلوك الإجرامي من خلال اختلاطه بالأشرار وانفصاله عن الجماعة التي تحترم القانون. ويتم تفسير السلوك الإجرامي من خلال التعليم المباشر القائم على العلاقات الشخصية المباشرة ولهذا فإن وسائل الإعلام كوسائل تعليم غير مباشر تلعب دورا ثانويا في تفسير الجريمة وارتكابها.

    يذكر سندرلا ند أن هناك عدة عوامل تساهم في تحديد مدى تأثر الفرد بجماعة معينة وهي: الأسبقية: أي أسبقية تأثر الفرد بالسلوك السائد في جماعة معينة وذلك سواء كان هذا السلوك مطابق للقانون أم مخالف له حيث يستمر تأثر الفرد بسلوكيات هذه الجماعة رغم اختلاطه بجماعات أخرى. ثم الاستمرار: أي استمرار التأثر فترة من الزمن تسمح للفرد باكتساب مسلك الجماعة في مخالفة القانون.

    والعامل الثالث هو العمق: أي عمق التأثير الذي يتعرض له الفرد داخل الجماعة ومدى فاعليته في دفعه لطريق الإجرام. ويتوقف ذلك على حدة وقوة التأثير الذي تمارسه الجماعة المخالطة للفرد على سلوكه الإجرامي.

    واحتل التنظيم الاجتماعي أهمية كبرى في نظرية سندرلاند؛ فالسلوك الاجتماعي انعكاس للتنظيم الاجتماعي السائد، واختلاط الأفراد مع غيرهم يعتمد على التنظيم الاجتماعي الذي قد يشجع على ظهور السلوك الإجرامي وقد يمنع ذلك.

    وعليه فإن تطبيق هاتين النظريتين على مسار الأفراد البدون يفسر إلى حد كبير عدم جنوحهم إلى ارتكاب الجريمة ليس لأن أوضاعهم المعيشية جيدة كما ادعى الكاتب ولكن لأن مجتمعاتهم يغلب عليها الطابع القبلي الذي ينفر من تحصيل الرزق من مصدر غير مشروع وعليه يقل في ما بينهم الجرائم الواقعة على المال مثل التزييف والتزوير الرسمي والحريق العمد والسرقة والسلب بالقوة وإتلاف مال الغير عمدا والتي سجلت بإجماليها ارتكاب 193 جريمة من قبل الأفراد البدون وفقا لإحصاءات عام 2021 من أصل 2349  وبنسبة 8% فقط من عدد مرتكبي هذه الجرائم .

    ومن نسبة مرتكبي جرائم الجنايات الواقعة على العرض والسمعة التي تشمل هتك العرض والزنا والمخدرات والخمور والتحريض على الفسق والمواقعة الجنسية ارتكب البدون ما عدده 482 جريمة من أصل 3307 وبنسبة 14% من عدد مرتكبيها.

    ومن عدد مرتكبي جرائم الجنايات الضارة بالمصلحة العامة والتي من ضمنها مقاومة موظف أثناء الوظيفة والرشوة وشهادة الزور والاختلاس كانت حصيلة البدون 5 فقط من أصل 85 جريمة وبنسبة 5.8%.

    وحول الجنح الواقعة على المال والمتمثلة بخيانة الأمانة والنصب والاحتيال والتزوير العرفي والحريق الخطأ وإتلاف مال الغير والسرقة والشروع بها وإصدار شيكات بدون رصيد سجل البدون ارتكاب 382 من أصل 6571 وبنسبة 5.8% من عدد مرتكبيها.

    أما جرائم الجنح الواقعة على العرض والسمعة والمتمثلة بالمواقعة بالرضا والقمار والتحريض على الفعل الفاضح وإساءة استعمال الهاتف والسكر والخمور والقذف والسب فقد بلغ عدد مرتكبيها من البدون 182 من أصل 2700 وبنسبة 6.7% من إجماليها.

    وفي مجال جرائم الجنح الضارة بالمصلحة العامة والتي تشتمل على إهانة موظف عام والإهمال في حراسة سجين والهروب وانتحال الوظيفة وسوء استعمال الوظيفة والبلاغ الكاذب والامتناع عن الشهادة ودخول أماكن محظورة وإدخال ممنوعات للسجن وانتهاك حرمة الأديان سجل البدون ارتكاب 39 جريمة من أصل 672 وبنسبة 5.8%.

    وعودٌ على بدء فقد حظيت تغريدة هذا الكاتب بعدد من الردود المستهجنة على استدلاله الفاسد إذ كتب المغرد خالد الشطي قائلا: "اسمع يا ....، يمكن حالتي المادية أفضل من حالتك بمراحل بس هالشي ما يمنع إن تربيتي صحيحة وإني مظلوم وصابر، والخير اللي أنا فيه من تعبي وجهدي وعرق جبيني حفرت الصخر من الصفر والحمد لله ما مديت إيدي حق أحد".

    أما المغرد الدكتور حمود الجاسم العنزي فرد بإضافة خيار آخر على تغريدة الكاتب مفاده: "أو ربما تربية صالحة وقيم عالية"، وهو يعني أن ذلك ما منعهم من ارتكاب الجرائم رغم ضيق العيش الذي يمر به أكثرهم.

    المغرد خالد العاصي كتب: "لا حول ولا قوة إلا بالله، يعني ما يسوون جرايم ليش ما يسوون جرايم أكيد مرتاحين"، ليختم بالقول: "أعوذ بالله".

    المغرد العنزي علق بالقول: "وليش ما تقول متربين وعندهم وازع ديني لا يملكه البعض".

    وأورد موقع أخبار الأمة ٢٤ ساعة ما ذكر أنه صورة من محضر تحقيق مع حقوقي بدون معلقا أن كلماته تخلد للتاريخ. وفيه أن "أكبر دلالة على أن مجتمع الكويتيون البدون مسالم أنه يفضل الانتحار على إيذاء أحد".

    وكتب المغرد painless_hand مستشهدا بقول الله تعالى: ﴿یَحۡسَبُهُمُ ٱلۡجَاهِلُ أَغۡنِیَاۤءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ﴾، ومردفا بالتساؤل: "وإلا عطني شخص يداوم ٨ ساعات باليوم ومعاشه ٢٠٠ بس، وعلى فكره في ناس ساكنه بالبر  وفي اسطبلات الخيل، روح الصليبية وتيماء راح تلاقي أسوأ مما يصوره لك البعض".

    أما المغرد Mafia فغرد ساخرا بالدعاء على الكاتب: "يالله يارب يا كريم يا قادر تعيش رفاهيتهم 🤲🏼 قول أمين".

    أما المغرد che.khaled فعلق بالتساؤل: "ليش ما تقول تربيتهم صالحة؟"

    وعلق aa بالقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله.. يعني إذا كثرت جرائمهم فهم خطر على البلد ولا يستحقون حل مشكلتهم.. وإذا قلت جرائمهم فهم مرتاحون ووضعهم طيب وما يحتاجون حل لمشكلتهم.. الله المستعان".

    واعتبر المغرد Kuwait الحرية للكويتيين البدون أن ما ذكره الكاتب في تغريدته قراءة فاشلة في الواقع. ورد المغرد جهراوي عتيج 2 بالقول: "لا والله يا... ذابحهم الشرف وعزة النفس".

    واعتبر المغرد سامي Samiestaa أنه مؤشر جميل وإن دل فهو دليل على القيم العالية والأدب والأخلاق الجميلة والتربية الصالحة والصبر رغم الفقر وضغوطات الحياة التي لا تتحملها جبال بل يتحملها الرجال.

    أما المغرد شرشآب فكتب: "إنها التربية الصالحة والوازع الديني والإيمان بالله تعالى هو المؤشر الذي يستند الفرد البدون عليه ببقائه في هذه الحياة"، موجها الكلام إلى الكاتب بقوله: "كالمعتاد مقالة سخيفة كبقية مقالاتك".

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد