dark_mode
  • الجمعة ٢٦ / أبريل / ٢٠٢٤
لست كولومبيا.. ولكن! - فهد حمزة

لست كولومبيا.. ولكن! - فهد حمزة


بعد عناء وشقاء طويلين بين إيقاف وسماح وأين بطاقتك ولا نستطيع تسجيلك بشهادة ميلاد فقط وكل يوم قصة تنتهي باستجداء للسماح لي بإكمال هذه السنة ووعود حكومية بإصدار بطاقة أقدمها إلى مدرستي لتوافق على تسجيلي أنهيت دراستي في الثانوية العامة بالاستثناءات. 

ولكن هنا بدأت لعنة الطموح في إكمال الدراسة الجامعية.. نعم، الطموح لعنة لمن هو "بدون". 

بدأ عائق ضرورة إصدار بطاقة هوية من جديد.. حاولت مرارا ولكن بلا فائدة..
 
حيث كانت البيروقراطية متفوقة دائما ومبدعة في الإتيان بأعذار جديدة تتراقص بين أمواج ال "لازم" و"ما يصير" وهنا وجدت نفسي حائرا، خائر القوى أحوم في متاهات إجراءاتها لأصبح وقودا تتغذى عليه تلك البيروقراطية.

وفي أحد أيام فقدان الأمل الذي عاد على شكل إعلان في صحيفة.. 
إعلان يعطي الوعود بحياة مستقرة ومخرج جميل، كان محتواه:
"هام… لغير محددي الجنسية"
"(جنسية + جواز)" 

كان هذا المدخل الوحيد لإيجاد نفسي حينها. توجهت لهم، وفي ذلك المكتب كانت أسئلتي:
هل حقا سيصبح لدي هوية؟ .. بطاقة مدنية!! 

كانت الإجابة بـ: نعم، في طريق كل العوائق التي ولدت معها.. ولكن الهوية الوحيدة التي تتناسب والمبلغ الذي تملكه هي جوازا كولومبياً.
 
كولومبياً!!! 
توقفت بين  أكون أو لا أكون… أكون ذو هوية كولومبية؟ أو أستمر بأن لا أكون… 

فقررت اختيار الحل الوحيد المتاح "للتنفس"، فانتفضت البيروقراطية واختبأت وتلاشت هي وكل عوائقها وتساهلت معي في إتمام كل الإجراءات حتى ظننت أنني فهمتها وتفوقت عليها، فكانت كل الإجراءات يسيرة وسهلة. وأصبحت كولومبيا في الدفاتر الحكومية وبفترة وجيزة.

ثم علمت أنني وقعت في شباك تلك التساهيل، وأن المكتب هرب. وأن الجواز "غير صالح". 

وأما وفي يومنا هذا حين يطلب أحدهم هويتي وأقدمها له، أرى نظراته تنتقل بين الهوية التي بيده والتي تقول الجنسية كولومبي وبيني!
 
وغالبا أسمع سؤال: شلون!! كولمبي؟؟
- شكلك كويتي.. وتتكلم كويتي.. شلون وأنت كولومبي؟ 

فأرد في صدري: 
لست كولومبيا ولكن..
 وددت أن أمتلك إثبات هوية.
لست كولومبيا ولكن.. 
كنت دائما أتحاشى نقاط التفتيش فإنهم يطلبون هوية.
لست كولومبيا ولكن.. 
طلبت مني المدرسة هوية.
لست كولومبيا ولكن.. 
لم يقبلوا تسجيلي في اللجنة لأنني قاصر، ووالدي متوفي وبلا شهادة وفاة تثبت عدم وجوده. 
لست كولومبيا ولكن.. 
لم يعيروا إحصاء اهتماما.
لست كولومبيا ولكن.. 
أردت أن أكمل دراستي الجامعية.. وها قد أصبحت اليوم مهندس.
لست كولومبيا ولكن.. 
كنت أرد أن أتزوجها.
لست كولومبيا ولكن.. 
أحسنت الظن في إعلان نشرته جريدة رسمية.
لست كولومبيا ولكن.. 
قالوا ستحصل على هوية وتكون كفيل نفسك.
لست كولومبيا ولكن.. 
أردت أن أركب الطائرة.
لست كولومبيا ولكن.. 
العاملون في مكتب المحاماة الذين اعتمدوا  جوازي هربوا وأغلق المكتب. 
لست كولومبيا ولكن.. 
اتضح أن الجواز مزور.
لست كولومبيا ولكن.. 
ليس هناك قرار بإعادتي إلى "بدون".
لست كولومبيا ولكن..
 لدي بطاقة زرقاء تثبت بأنني مقيم بصورة غير قانونية أو ربما "بدون" أو "عديم".. وفي خانة سبب الاصدار كتب: "لديه جواز كولومبي".

وبعد أن أجزمت واتفقت الدوائر الحكومية أنني كولومبي، فاليوم: أنا كولومبي… ولكن. 

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد