dark_mode
  • السبت ٢٧ / يوليو / ٢٠٢٤
غنجتهم! - نفله الحربش

غنجتهم! - نفله الحربش

    ضُيق على أحدهم العيش فرمى بنفسه في مراكب الموت باحثًا عن بلد لجوء وعندما نجا ووصل إلى خيمة اللجوء لُون جدارها بألوان علم الكويت!

 ألم تثر تلك الخيمة التساؤل في نفوسهم وتلطم وجه منطقهم الذي يستندون إليه! لا حجة مقنعة لهم بأن لا حق للبدون في المواطنة؟! ألم يفتخروا بتفوق الجراح من فئة البدون في المنفى ويطربوا لحديثه الجميل عن حب الكويت وشوقه إليها؟! افتخروا برفع علم الكويت خلال سنوات طويلة وفي محافل عديدة بفضل إنجازات مميزة كان أبطالها من فئة الكويتيين البدون. ألم يتساءلوا لم هذا التكلف في العطاء من فئة تعاني عبء العيش بلا جنسية؟! كثيرون وكثيرون من البدون غادروا الكويت لمرارة الوجود فيها وعكسوا أجمل صورة عنها، وبقيت ولا زالت الكويت قبلة قلوبهم وولائهم. غادروها بأجسادهم وظلت أرواحهم متشبثة بأرضها مع من بقي منهم عليها. وطنيتهم مشاعر صدّقتها أفعالهم وأثبتتها، فلم تتشوه وطنيتهم بفعل أفراد عنصرتهم المصالح.

اختلط مفهوم الوطنية على كثيرين بعد أن ارتبط بممارسات مجتمعية واعتيد ملاحظة مظاهر ادعائها بصور استعراضية لا تضيف قيمة للوطن ولا تحرك عجلته الساكنة نحو التطوير والتنمية وحل المشكلات العالقة والمعيقة لخطط المستقبل. فما هي الوطنية الحقة؟ وكيف نميز ملامحها؟
اعتبر جورج هيغل "تضحية المرء بفرديته لصالح الدولة أعظم اختبار للوطنية". ووضع نيكولو ماكيافيلي تقييمًا راقيًا للوطنية عندما ربطها بشعوب حاضرة لتقديم التضحيات لأوطانها. وارتاب جان جاك روسو من أن يظهر المرء انتماء لإنسانيته دون التزام تجاه قومه. كما رفض ألسدير ماكنتاير مقارنة الوطنية بالأخلاقيات لأنه اعتبرها حجر أساس تقوم عليه الأخيرة. فإن كانت الوطنية تضحية وأخلاقيات وانتماء للإنسانية والتزام تجاه من يعيش حولنا، فلم يتم استنزاف الجهود في إيجاد حلول لقضايا إنسانية محورية عالقة منذ عقود؟! إن الوطن مُبتلى! نعم، مُبتلى بمرضى التصلبات الفكرية والنقاء العرقي المُختار والذي يقدم المصالح الذاتية على مصالح المجتمع واستقرار الوطن.

 أحد أولئك المرضى المخضرمين في موقع مسؤولية ما سُئل عن سبب رفضه لفكرة تجنيس البدون المستحقين ورسم خطة لملامح المواطنة واستحقاقها، وضع مثالًا أمام السائل ليقنعه فقال: "تخيل أنك جالس على (غنجة)، أيهما أفضل أن يجلس عليها معك خمسة أشخاص أو خمسون شخصًا؟!". إجابة صادمة تدخل في الفانتازيا وليس في الواقع الإنساني. أليس كذلك! إجابة تغيب عنها إنسانية الإنسان ومعاناة بشر بالآلاف.
مفارقة مدهشة! الوطن غنجة بالنسبة لهم!، الوطن كيكة!، لذا يتعاملون مع الحق بمنطق: "من صادها عشى عياله!". شتان ما بين مواطنة بإحساس المحب المخلص دون مقابل، ومواطنة الغنجة.

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد