dark_mode
  • السبت ٢٧ / يوليو / ٢٠٢٤
رسالة مغلقة إلى د. عبيد الوسمي - جهاد محمد

رسالة مغلقة إلى د. عبيد الوسمي - جهاد محمد

رسالة مغلقة...إلى د. عبيد الوسمي
يقولون أنك نزعت جلدك، خف صوتك، استبدلت أصدقائك وحلفاءك، أدرت اتجاه حدتك أفقيا، ويقولون أيضا أنك تحمل مشروعا بعكس كل البقية، وأن رؤوسا للفساد ستقطفها يداك عما قريب، وإنك ابن السياسة البار حيث لا عدو دائم ولا صديق لك إلا الكويت، كل متهكموك صفقوا لك فيما مضى، وكل مؤيدوك زاد ضجيج يديهم فيما تلى..
تنقسم البلاد حولك إلى يمينين...ونحن هامشك، لا أعلم إن كنا بالأعلى من تلك الورقة التي تلوح بها أم بالأسفل، فيا أيها الرجل النحيل تذكر معي تفاصيل تلك الصورة التي انتشرت لك إبان حبسك، هي تماما تشبه سنين حياتنا، نزلاء بمناطق انفرادية في الشوارع الخلفية لما يطلق عليه اسم وطن! نرسم أحلامنا على الجدار لعل في الكويت "عيسى" ينفث بها روحا بأمر من الله، أتذكر قضبان نافذتك في الصورة؟ وما التي تقبض عليها سوى يدانا تلك التي أتعبها التلويح لكل الذين سبقوك في مقعدك الأخضر دونما يقف عندنا أحد، أراك تبتسم في الصورة بعكسنا تماما ونحن الذي أغرقنا هذا الوطن-الزنزانة بدموعنا كلما انسل منا أحد للموت أو الغربة.
من شِرك الكويت الأعظم بكل القيم الإنسانية والأخلاقية إلى د. عبيد الوسمي، نكتب لك ولا شيء نملكه إلا الكتابة والانتحار! تأخذنا العزّة بحرماننا بأن نخاطب "متنفذا" غيرك، أولئك الذين يشحذون سكين قوانينهم وقراراتهم حول رقابنا بين الحين والآخر، فثمة معادلات جديدة في المشهد جعلت منك أحد الذين يملكون تدوير زوايا هذا الوطن، أدر طاولتهم المستديرة تجاهنا، صفع وجوههم في اجتماعاتكم بصورة لـ "جراح"، جعلهم يستفيقون من غيبوبة "الهوية الوطنية"، ذكرهم بأنه سيكون خصيمهم ذات قيامة، وبأن الله يصدق الأطفال فيما يقولون دائما.
نذبح ببطئ، بدم بارد، الأمر أبعد من كونه طمعا بترف حياة، بل هو البحث عن الحياة بذاتها، أو أنه برواية الفقر أن تستيقظ على صوت جوع رضيعك ولا حيلة بيدك سوى أن تبيع قطرات حياء جبينك لتشتري بها حليبا له! أن يصبح كل عضال بمرضانا هو انتظار للموت، وأن يكون كل مستقبل أبنائنا رصيفا فارغا يفرشون به بضاعتهم، أن تكون الدراسة حلم، والوظيفة أمنية، والزواج مستحيل، أن تعيش وتهمتك هي الأمس، ويومك وهم، وغدك خوف.
وإني أكتب ولك عندي رصيدا سينفد عند أول خبر انتحار ننتظره، قد كنت الوحيد الذي وعد بشيء لصالحنا ونفذه، عندما ربطت استجوابك في 2012 بخروج المتظاهرين البدون من حبسهم، أولا تعلم إن الأمر أصبح أكثر خطورة عما كان عليه قبل 10 سنوات من موقفك ذاك، الآن أنت معني بنا بشريعة كل القيم التي تغنيت بها طوال السنين السابقة، إن القيم الإنسانية والعقائدية والقانونية تفرض عليك أن تتخذ موقفا بقطع حبال الموت من حول رقابنا.
سننتظرك نحن هذه المرة، تماما كما فعلت أنت ذلك قبل عقد من الزمن، ننتظرك بأن يفتح الله على يديك باب السجن الكبير، فمع الاحتفاظ بالمهم وهو كامل الحق الأصيل في المواطنة، فإن الأهم هو وقف نزيف الموت المتمثل عبر إقرار الحقوق المدنية والإنسانية أولا.
إلى الدكتور عبيد الوسمي: اخلق لنا فرصة بأن نعيش ولو مرة واحدة بهذه الحياة!

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد