dark_mode
  • الجمعة ١٩ / أبريل / ٢٠٢٤
أرض الإنسانية.. بلا إنسانية! - سلمان الخالدي

أرض الإنسانية.. بلا إنسانية! - سلمان الخالدي


يذكرنا يوم العاشر من ديسمبر في كل عام بحقوق الإنسان، وهو يومٌ دولي معتمد من قبل الأمم المتحدة ويحتفل به العالم سنويًا منذ أن تم اعتماده رسميًا قبل اثنين وسبعين عامًا. يولد البشر جميعًا في هذه الحياة أحرارًا ومتساوين في الحقوق والكرامة، ولا يجوز لأي مستبد أن يسلب حرية أي إنسان أو حقه وكرامته لأي سببٍ كان، فلا بد أن يتمتع كل إنسان بجميع حقوقه رُغم العنصرية التي تجذّرت في أعماق هذا العالم تبعًا للون أو دين أو جنس أو لغة أو رأي السياسي أو غير سياسي أو أصل وعرق أو ثروة أو ما سواه، كل تلك الاختلافات التي قد تتأصّل في بعض النفوس البشرية لتبقى دون إنسانية.


وفي ظل جائحة كورونا التي كشفت لنا جراحًا كثيرةً وعرّت لنا أسوأ ما في البشرية، وفي هذا العالم المتسارع- حتى في المشاعر- أصبح إظهار التضامن والتعاطف مع المحرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية أكثر أهمية من أي وقت مضى، فحقوق الإنسان شرعية وثابتة ومُستحقة لكل إنسان بلا استثناء، وبالتالي فإن حق الإنسان في التعبير مكفولٌ بنص جميع مواثيق حقوق الإنسان، تمامًا كحقه في الرأي، أو التجمع السلمي، أو الاحتكام إلى قانون عادل، أو التعليم، أو السكن، أو الصحة، أو حقه في الراحة، وبالتأكيد حقه في الحياة. وهذا ثابت في أي من بقاع الأرض، إلا أننا عندما نتحدث عن حقوق الإنسان  في الكويت فإننا نتحدث عن مأساة تاريخية حقيقية في واقع عديمي الجنسية "البدون"، والذين حُرموا حتى من احتفاظهم بمسماهم الذي قد يكفل بعضًا من حقوقهم ليُطلق عليهم "مقيمون بصورة غير قانونية"، والذين استمرت معاناتهم الإنسانية في بلد الإنسانية لأكثر من نصف قرن في ظل تعمد حكومي بعدم إغلاق هذا الملف وباعتراف الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية بأن هناك ٤٠ ألف مواطن من البدون يستحقون الحصول على الجنسية الكويتية.


وفي ظل هذا التعنّت المسيء لحقوق البدون أقدم عددٌ منهم على الانتحار هربًا من العيش في هذا البؤس، كان آخرهم شابًا انتحر داخل نظارة التوقيف في أحد مخافر جنوب الكويت، ولربما كان دافعه هو يأسُه من تحسّن واقعه، وهو واحد من عشرات يعايشون المأساة ذاتها اختار أن يفقد حقه في الحياة في بلد الإنسانية والسلام التي أصبحت بلا إنسانية تجاه قضيتها المزمنة وسط صمت حكومي وشعبي غير مستغرب، وانتهاك واضح وصارخ لأبسط حقوق الإنسان الأول، فالشعوب التي تتجاهل حقوق الإنسان وحرياته وكرامته وحياته ولا تنتصر له، هي شعوب رجعية غلبانة لا حول لها ولا قوة إلا على التقديس والتمجيد لماضيها أكثر من حاضرها ومستقبلها، حتى أصبح الطبيعي هو ظلم الإنسان وسلب كرامته وانتزاع حقوقه وأصبحت المأساة أمرًا عاديًا في بلاد تدعي أنها أم الإنسانية. 

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد