dark_mode
  • الخميس ٢٥ / أبريل / ٢٠٢٤
صحيفة بلاتفورم - منصة البدون وصوتهم الذي غُيَّب قسرًا وجورًا دهرًا من الزمن

صحيفة بلاتفورم - منصة البدون وصوتهم الذي غُيَّب قسرًا وجورًا دهرًا من الزمن

لأول مرة في التاريخ، تصدر صحيفة مرخّصة في الكويت وتنحاز بإنصاف لبدون الكويت (عديمي الجنسية). صحيفة ”بلاتفورم“ (منصة البدون.. وصوتهم) ستصبح صوتهم الذي غُيَّب قسرًا وجورًا دهرًا من الزمن، ولم يكن التغييب الإعلامي الممنهج سيد الموقف فحسب، بل تمادى ليصل إلى التضليل والتعتيم والتشويه لتاريخ قضية بدون الكويت ونشأتها؛ فعملت الماكينة الإعلامية- التي احتكرت الرأي العام لسنوات عجاف- على التحايل على العقل الجمعي عبر التزييف والتخويف والترويج، حتى آمن الناس أن البدون لا ينتمون إلى هذه الأرض، وقد مُورست سياسة التغييب الإعلامي بالتزامن مع أساليب الاضطهاد والعنف الإداري من تكبيل وتنكيل وتقييد وتجريد من الحقوق الإنسانية الأساسية ومن ضمنها حق الهوية والجنسية كحق إنساني أصيل، لكن الرأي العام لم يحرك ساكنًا إلا مؤخراً بعد أن ظهرت قصص البدون مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي؛ فحق لهذا النهج أن يوصَف بمقولة وزير "البروباغاندا الألماني"جوزيف جوبلز": أعطني إعلامًا بلا ضمير، أُعطك شعبًا بلا وعي.“

 

ومنذ تسعينيات القرن الماضي نشرت منظمات حقوق الإنسان الدولية تقارير عن عديمي الجنسية في الكويت (البدون)، لكن أيَّا منها لم يُنشر في وسائل الإعلام المحلية! لقد لعبت أغلبية الصحف المحلية دورًا محوريًا في إبقاء قضية البدون في العتمة والظلام، لاسيما حين أحكمت الحكومة قبضتها على تعاطي الصحف الكويتية اليومية مع قضية البدون. اعتادت تلك الصحف إلى اليوم، عدا بعض المقالات التي قد يُسمح بنشرها، أن تروج لرواية الحكومة كرأي رسمي للصحيفة ؛ فعلى سبيل المثال نشرت إحدى الصحف افتتاحيتها بعنوان ”الراقصون على جمر البدون“ والتي عبر عنها د. فهد راشد المطيري بقوله: ”لا ننتظر من الذين لا يجرؤون على مجرد الإشارة للرأي الآخر افتتاحية بعنوان ”المطبلون لقمع البدون“. ويعبر الزميل جهاد محمد عن إصدار صحيفة "بلاتفورم“: ”كان لابد من إشعال هذا الفتيل نحو رؤية البئر العميقة فوق هذه الأرض، البئر التي وُئِد بها الآلاف من الأشخاص الذين لم يكن الصمت سوى لغتهم حتى وقت قريب.. قصص عديدة لابد من إعادة حكايتها بعد أن غُيبت عمدًا طوال هذه السنوات، وقصص أخرى لا مفر من سماع أبطالها يتحدثون هنا، إن الاستشفاء الذاتي لجرح الكويت المتمثل في البدون يتطلب رؤية مدى العمق الذي وصل له، دون الاشمئزاز من المنظر غير الحضاري المتمثل في صورة طفل يبيع مستقبله خضارًا على الأرصفة لإطعام عائلته، أو سخرية إعلامية "نتنة" على شاكلة عنوان: ”بدون ودّعها بجرعة زائدة!“

 

تعتبر قضية عديمي الجنسية في الكويت إحدى أقدم المشكلات التي لم تحسم بعد، رغم انفجار أزمتها الإنسانية ورغم نيلها اهتماما محليًا ودوليًا ورغم المطالبات بضرورة الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان. يعود هذا العجز في حل هذه القضية إلى الحكومة التي فشلت في معالجتها رغم وعودها وتصريحاتها التي توالت عبر السنين، بل تعدت ذلك الفشل إلى إمعانها في السياسات التضييقية وأدوات الضغط اللاإنسانية التي أوصلت عددًا من البدون إلى حل إنهاء حياتهم. وبالرغم من مأساوية تلك الأخبار التي تهز مجتمعات بأكملها في دول أخرى، فإن الصحف المحلية تتعاطى مع أخبار انتحار البدون بعناوين لا تمت للأسباب بصلة مثل: "مدمن، مضطرب نفسيًا، سوابق، مطلوب أمنيًا“. فما الذي يجعل البدون ينتحر إن كان يملك جنسية ما تجعله يعيش بكرامة في الكويت؟

 

الإجابة عن هذا السؤال يعيدنا لأسباب اضطهادهم وحرمانهم من حق العيش الكريم، ونتيجة غياب الوعي الجمعي لأحداث تاريخية مسكوت عنها أدت إلى نشأة مشكلة انعدام الجنسية ونتائجها الكارثية على الأمن الإنساني، والتي بدأت مع ظهور قانوني الإقامة والجنسية بغرض تنظيم إجراءات الهجرة إلى الكويت بوصفها - في الأساس- أرضًا هاجر إليها أغلب مواطنيها، إلا أن الرواية العنصرية لا تذكر تاريخهم الغائب وإقامتهم الشرعية بحكم قانون الإقامة على مدى عقود من الزمن قبل أن يصحوا يومًا ليجدوا أنفسهم فجأة "مقيمين بصورة غير قانونية“، هذا المسمى الذي لا يتسق مع حقيقة وجودهم كأهل بادية رُحَّل كانوا يتنقلون بين بلدان المنطقة قبل أن يكون للكويت حدود واضحة المعالم، ولكن الدولة فشلت في شملهم بإجراءات الجنسية.

 

كما أن ”البروباغاندا“ العنصرية لا تروي قصة محاولات الحكومة التخلص منهم وترحيلهم دون محاكمات قضائية، لكن أيَّا من الدول لم تقبل استقبالهم لأنهم لا يحملون وثائقها، وقد رأت محكمة جنائية في عام ١٩٨٨ أن الدولة لا يمكنها ترحيل رجل بدون جنسية لأن ”سكان الكويت غير الكويتيين والذين لا ينتمون لدولة أخرى وليست لديهم جنسية والمحرومين من الجنسية الكويتية لأي سبب من الأسباب يعاملون بطريقة خاصة ومميزة عن معاملة الأجانب“.

 

يصدر اليوم العدد الأول لصحيفة ستغدو صوت من كان لا يملك صوتًا، صحيفة ستملأ فراغ الجهل بتاريخ القضية وأمراضها الكارثية، سيحكي هنا البدون أدبياتهم التي تضج بالشعور بالغربة والخوف من المستقبل وألم إنكار الوطن لهم وعدم الاعتراف بهم. وستعرّي الصحيفة هنا نهج الابتزاز والمقايضة والتهديد من قبل جهة غير قضائية نصّبت نفسها خصمًا وحكمًا. وستُنشر هنا أهم الدراسات والبحوث السابقة والحديثة، وستكون جسرًا للبدون ليصلوا لمجتمع مغيب عن الحقيقة، هي صحيفة من يرغب أن يعرف الحقيقة الضائعة.

تولد الصحيفة اليوم حتى نريح ضمائرنا المرهقة.  

 

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد