dark_mode
  • الإثنين ٢٠ / مايو / ٢٠٢٤
البدون والقطاع الخاص - صفاء جابر أحمد

البدون والقطاع الخاص - صفاء جابر أحمد

"أما السلاح الأقوى والأكثر قطعا فهو الجهل. كانت سيجيسبيرتو تقول في عشاء يوم ميلادها أنه من الملائم ألا يعرفوا، ألا يقرؤوا، ألا يكتبوا، ألا يحكوا، ألا يفكروا، أن يعتبروا ويقبلوا أن الدنيا لا يمكن تغييرها، وأن وراء هذه الحياة تنتظرهم الجنة، وأفضل من يشرح ذلك هو الأب أجاميديس، وأن العمل يمنح المال والكرامة، لكن دون أن يفكروا أني أربح أكثر منهم، فالأرض أرضي."

ثورة الأرض ص80 - جوزيه ساراماغو

 

مقدمة:

القطاع الخاص (Private sector)، وهو قطاع الأعمال المرتبط بالمؤسسات، والشركات التي يملكها أفراد بصفة شخصية، وغير مرتبطة بحكومة الدولة، أو أية مؤسسة من مؤسساتها. بمعنى أنه نشاط اقتصادي لا تسيطر عليه الحكومة وإنما تسمح به وفق قوانين وتشريعات معينة، ويحظى القطاع الخاص في الكويت بأهمية كبيرة وذلك بسبب رؤية الكويت للتحول إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار. ولأن ملكية الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص تعود بصفة شخصية ولا تعود للحكومة كان الملاذ للعديد من البدون أو ما يسمون بغير محددي الجنسية (وهي مجموعة تعيش في الكويت ولا تمتلك الجنسية الكويتية أو أي جنسية أخرى). فعلى اختلاف درجاتهم الأكاديمية وخبراتهم العلمية والمهنية هنالك فرص عمل متفاوتة تخضع لتقدير أصحاب الأعمال أنفسهم. وتتضمن هذه المقالة على أهم التحديات التي تواجه الفرد البدون في العمل في القطاع الخاص واستعراض للحلول الممكن تنفيذها وأهمية هذه الفئة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

 

أهم المعوقات أمام البدون في القطاع الخاص هي:

1-   البدون لا يخضع للتوظيف في القطاع الخاص عن طريق برنامج إعادة الهيكلة فهو مختص بتوظيف المواطنين فقط، لذلك فعملية البحث عن وظيفة تخضع وفق خبرة البدون وتقديره والفرصة المتاحة والتي قد تستغرق عده أشهر في أحسن الحالات أو سنوات. وقد انطلقت منصة تيسير وهي منصة أنشئت من قبل الهيئة العامة للقوى العاملة بتعاون مع الجهاز المركزي لتسهيل عملية البحث وحتى الآن لا يوجد أي إحصائيات عن عدد "الموظفين من خلالها".

2-    إلزام أصحاب الشركات والمؤسسات بتسجيل البدون في الهيئة العامة للقوى العاملة بشرط وجود بطاقة سارية المفعول والسؤال كيف سيتم التوظيف إذا لم يصدر الجهاز البطاقة لا سيما وأن هناك مشكلة القرينة الموضوعة على البطاقة والتي تمثل محل استنكار العديد من غير محددي الجنسية.

3-    جشع أصحاب الأعمال واستغلال البدون بأجور زهيدة على اعتبار أن خيار التوظيف في القطاع العام محدود جدا ولأن بعض أفراد البدون بمستويات أكاديمية بسيطة وخبرة قليلة يخضع أصحابها للمعاش البسيط. 

4-   حرمان البدون في الشركات والمؤسسات الخاصة من الامتيازات التي ينالها كلا من المواطنين والوافدين كنهاية الخدمة والإجازات والمرضيات وما إلى ذلك وإذا كان الموظف تم تعيينه مع معرفه أصحاب العمل بأن بطاقته غير سارية فإنه يسحق تماما ويخضع للابتزاز حتى على المعاش.

5-   عدم توفر فرص عمل مناسبة دائما مما يجعل من الطبيب البدون سكرتير في شركة وتتكرر هذه الحالة مع الجامعيين البدون باختلاف الوظائف والدرجات العلمية. 

6-   يواجه المجتمع في القطاع الخاص حقيقة بأن كل جماعة تنادي على جماعتها بمعنى أن تميل كل جنسية أو فئة لتعيين أفراد من فئتها مما يقلل من الفرص أمام البدون.

7-   تعمد تهميش البدون وجعل فرص التعليم صعبةلا سيما إذا لم تكن الأم كويتية- فلا يمكنهم المنافسة على الوظائف في قطاع العمل فالتعليم البسيط والخبرة البسيطة لا ترجح الكفة لتوظيفهم مقارنة بالآخرين ولا يعطيهم أولوية أو حتى أفضلية عند أصحاب الأعمال.

 

الحلول المقترحة لتحسين بيئة العمل لغير محددي الجنسية:

·       لا بد من وضع قوانين تنظيمية لا تحرم الفرد البدون من العمل حتى في حالة انتهاء البطاقة ففي كل الحالات سيعمل حتى يؤمن معيشته وقوت يومه فالقوانين ستحد من استغلاله من قبل أصحاب الأعمال وستكون أكثر تنظيما. فالعمل ضرورة وليس ترف.

·       وضع برامج تدريبية لفئة البدون ترعاها مؤسسات الدولة أو مؤسسات القطاع الخاص كخدمة مجتمعية فالبدون فرد لا يتجزأ عن المجتمع.

·       تفعيل منصة تيسير لتكون أكثر فاعلية في قطاع الأعمال وليكون دورها واضح في المجتمع كاستعراض إحصائيات دورية والجهات التي تم التعاون معها.

·       وضع قوانين للسقف الأدنى للأجور تتناسب وطبيعة كل ترخيص تجاري.

·       وأخيرا لا بد من تسهيل حصولهم على التعليم فالدرجة الأكاديمية مهمة لاختيار المرشح للوظيفة.

 

أهمية فئة البدون على الوضع الاقتصادي والاجتماعي:

نستعرض الوضع عند توظيف البدون اقتصاديا:

1-   لا يستلم دعم العمالة من الدولة ولكن مجرد المعاش من المؤسسة.

2-   لا يحتاج أصحاب العمل لنقل كفالته أو أي رسوم متعقلة بها أو التأمين الاجتماعي ورسومه أو أي مميزات أخرى تتعلق بتذاكر السفر والتأمين الصحي.

3-   لا يوجد للبدون أي تحويلات خارجية مما يحسن من القوة الشرائية في السوق المحلي.

4-   استثمار الدولة في الفرد البدون خاصة أبناء الكويتيات الذين يحصلون على المنح الدراسية سيكون له أثر في قطاع الأعمال. 

5-   فئة طموحة قد يكون لها مشاريعها الخاصة التي قد تساهم في مجال الأعمال والسوق المحلي.

6-   معرفتهم بالسوق المحلي ومتطلباته.

 

وأما اجتماعيا فالفرد البدون ليس بالغريب على معرفة عادات وقيم مجتمعه وهو خليط متجانس مع باقي أفراد المجتمع وعمله سيحسن من مستويات معيشته وبالتالي تحسن الصحة والتعليم وكل الضروريات في الحياة، غلى جانب أن الفرد البدون لن يضطر للمغادرة بعد التقاعد فتبقى الخبرة موجودة في الدولة ويمكن الاستفادة منها واستثمارها للأفراد الجدد. إن ضرورة عمل أفراد متواجدين في المجتمع بصورة كبيرة لا يمكن التغافل عنها. إن عمل الفرد البدون الشاب يوجه طاقته ويستثمرها خير استثمار فالعمل يحقق رضا للذات وتوازن نفسي ويحميه من الوقوع في المشاكل.

 

ختاما:

العمل ليس ترفا بل ضرورة لحفظ كرامات الناس من السؤال والحاجة حيث يواجه البدون عدة معوقات تحول دون توظيفه بصورة عادلة وقد تم استعراض أهم المعوقات في القطاع الخاص وبعض القوانين المقيدة والحلول المقترحة وأثرها على الفرد البدون.

المصادر:

رمضان الشراح، نحو دور أفضل للقطاع الخاص في تفعيل توطين العمالة الخليجية.. حالة الكويت، لمنتدى استراتيجية التوطين والتوظيف الخليجي (نحو تفعيل سياسات واستراتيجيات التوطين في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، دبی، نوفمبر 2007)

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد