dark_mode
  • الخميس ٢٥ / أبريل / ٢٠٢٤
الثروة الحقيقية (الأيدي العاملة) - عبد الله العنزي

الثروة الحقيقية (الأيدي العاملة) - عبد الله العنزي

مقدمة:

الوضع الاجتماعي والاقتصادي يرتكز على ثلاثة أسس (الدخل والتعليم والوظيفة)، أما الحالة الاجتماعية الاقتصادية تقسم إلى ثلاثة أقسام (عالية ومتوسطة ومنخفضة) وكل فرد يتم تقسيمه أو وضع حالته بحسب المتغيرات الثلاثة (الدخل والتعليم والوظيفة).

الوضع الحالي للبدون فيما يخص الوضع الاجتماعي والاقتصادي هو متوسط إلى منخفض، والحالة المنخفضة تكون أولويتها توفير الأكل والملابس والتفريط في التعليم، وطبقة البدون المتوسطة يكون أولويتها الاهتمام بالتعليم العالي لفرد من الأسرة أو أكثر لتحسين حالة الأسرة بالكامل (وهو ما يترتب علية الضغط النفسي والمادي لهذا الفرد).

مراهقة محفوفة بالمخاطر: إن وضع الأسرة (المنخفض) من الناحية الاجتماعية قد يولد عدم استقرار في حياة الأطفال والمراهقين، والسبب أن الأب والأم عاطلان عن العمل أو يعمل أحدهما ثم ينتقل إلى عمل آخر وقد لا يجد أو يعيش فترات متقطعة وبتعبير أدق (الأمان الوظيفي) غير موجود مما ينعكس على حياة الأطفال والمراهقين بدفعهم إلى ترك الدراسة ومساعدة الأب وتكون حياه المراهقين مراهقة محفوفة بالمخاطر، أما الكبار من الأسرة فغالبًا لا يستطيعون الزواج.

هناك أفكار لتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي وقانون اقتصادي يدعمهما:

1.    وضع البدون تحت نطاق (التكويت) في القطاع الخاصة بنسبة معينة وباستراتيجية تخدم الوطن.

2.    الاستثمار في الأيدي العاملة وتدعيم (الرؤية) 2035 زيادة المداخيل (غير النفطية).

الفكرة الأولى: (وهي من الممكن أن تكون قانون اقتصادي): تمتاز هذي الفكرة بالشمولية، وهي احتساب البدون کفرد من (التكويت) وبنسب معينة على سبيل المثال (10 بالمائة) (90 بالمائة تكون للكويتي) في مكان العمل أو الشركة، (وممكن أن نقول أن الأولوية للمواطن ثم البدون) ولكن ترجمت هذه المقولة کقانون وأيضا يحدد القطاعات بحيث يصبح من الممكن احتساب هذه النسبة لتكون أكثر واقعيه وقبولا، في حال كان العدد أكثر من 10 بالمائة لا مشكلة ولكن لا يتم حسابهم في برنامج التكويت في القطاع الخاص.

مثال عملي على ارض الواقع (القطاع الخاص): قامت المملكة العربية السعودية باحتساب البدون أو القبائل النازحة ضمن السعودة بحيث لا يزيد العدد عن 10 بالمائة في كل منشأة أو شركة من عدد العاملين السعوديين، وأيضا حددت مهن خاصة بالمواطنين فقط، والأولوية للمواطن في تخصص وظائف بالقطاع الخاص، وكل هذا البرنامج والقانون في القطاع الخاص. وفي حال زادت النسبة عن 10 بالمائة لا مانع ولكن لا يدخلون تحت نطاق السعودة، ويوجد مميزات ونظرا لقصر البحث ستكون موجودة هنا.

إيجابيات وفلسفة هذا القانون إعطاء فرصة للبدون دون المساس بفرصة المواطن وبتحديد نسبة لهم، والمزيد من الأيدي العاملة في المشاركة الاقتصادية ودعم مسيرة الوطن واستثمار الأيدي العاملة، والتسهيل على أصحاب الشركات الصغيرة والمبتدئة، وفي حال لم يتوفر العدد الكافي من برنامج التمكين للمواطنين الاستفادة من الأيدي العاملة البدون دون المساس من فرصة المواطن، لنمو اقتصاد الدولة وابتكار حلول يستفيد منها الجميع، التاجر والمواطن والبدون.

الفكرة الثانية الاستثمار في الأيدي العاملة (البدون) ودعم المداخيل غير النفطية:

على سبيل المثال هناك صعوبات سابقة ولا تزال، صعوبة قبول البدون في كلية التمريض في وزارة الصحة تخصص (التمريض)، أما معهد التمريض تم إتاحة الفرصة للبدون في فترة سابقة وقت (العصر) وللأسف تم وقف العمل فيه، ولا يستطيع البدون السفر وتحمل الأعباء المادية للدراسة وجزء آخر يستطيع وهم النسبة الأقل.

الحلول الممكنة: فتح المجال وفتح معهد التمريض، ليستطيع من لم يكمل الثانوية العامة الدخول في معهد التمريض ومن يملك الثانوية يستطيع دخول الكلية سواء دبلوم أو بكالوريوس والحلول الممكنة هو فتح المجال لهم، والجدير بالذكر أن تخصص التمريض لا يوجد عليه إقبال من المواطنين.

الإيجابيات: تحويل الحالة الاجتماعية والاقتصادية من منخفضة إلى متوسطة، وما يترتب على هذا التحول من استقرار لجميع أفراد الأسرة بلا استثناء، وإشراك جميع المراحل الدراسية (من حالفهم الحظ في تخطي الثانوية العامة والذين لم يحالفهم الحظ أو منعتهم ظروف الحياة)، وتكوين كوادر طبية وإشراكها في القطاع الحكومي والخاص. إن الامتداد والتقاليد والعادات واللغة تسهل تقبل البدون أكثر من غيرهم وبذلك كسب راحة المريض، كما أن رواتب البدون ستصرف داخل الكويت فلا يوجد تحويلات (وبالتالي زيادة القوة الشرائية والحركة الاقتصادية، والتكلفة المادية للبدون أقل بكثير من الآخرين من جانب التوظيف، كما أنهم في الظروف الصعبة والمواقف مثل جائحة كورونا أو غيرها يؤدون عملهم على أكمل وجه وهم رصيد من الأيدي العاملة في تخصص فيه يهجره الوافدون، ولا يقبل عليه المواطنين، حيث أن الممرضين المواطنين لا يتجاوزون 4 بالمائة من نسبة الكادر.

بكل واقعية ووضوح:

إن التخصصات غير المرغوبة للمواطن هي أرض خصبة للبدون، وتكون الحلول عند طرحها أكثر واقعية وقبولا، وتخصص التمريض وما يوازيه من تخصصات أخرى، هي من التخصصات المرغوبة للبدون ولكنها حاليا متوقفة، ومن الممكن إعادة فتح معهد التمريض، وأيضا فتح المجال للدخول في البكالوريوس والدبلوم، لإخراج الكثير من الكوادر الطبية، وتوافق إمكانيات البدون المادية والعلمية كونها تشمل (من حصل على الثانوية ومن لم يحصل)، وتخصص التمريض مثال وهناك أمثلة أخرى ولكن مفهوم التخصص ومدى قبوله وتنفيذه على أرض الواقع أكثر قبولا للجميع وهذا ما أردت توضيحه بهذا المثال.

الفكرة الأولى تحاكي القطاع الخاص، والفكرة الثانية تحاكي القطاعين الحكومي والخاص، عند النظر لدول المنطقة في تحقيق مكاسب اقتصادية واستثمار الفرص (الموارد غير النفطية)، وزيادة المداخيل غير النفطية تحتاج إلى أيدي عاملة وقوانين وأفكار وإرادة. إن تحويل الفرد غير المنتج إلى منتج هو أول مكسب للموارد غير النفطية، وهوا أعظم استثمار، وهي اللبنة الأولى والركيزة لبداية جميع المشاريع.

سنه 2015 قامت رئيس وزراء ألمانيا أنجيلا ميركل باستقطاب أكثر من مليون مهاجر، وهم مختلفون كل الاختلاف عن ثقافة ألمانيا ولغة ألمانيا، بل إنه لا يوجد شيء متشابه، والجدير بالذكر أن ألمانيا دولة متقدمة في العلم والصناعة وجميع الميادين، علاوة على ذلك فإن تعداد الشعب الألماني ( أكثر من 80 مليون نسمة)، ورغم هذا الكم الهائل من عدد السكان والاكتفاء الاقتصادي والعلمي والتقدم في كل الميادين، إلا أن الاستثمار في البشر كنز لا يتوقف، وعطاء لا ينتهي، والنظرة إلى استثمار أي فرصة حتى لو كانت نسب النجاح تكاد لا تذكر، هي عنوان ألمانيا، وفعلا تم عمل برنامج موسع للمهاجرين، وتمكينهم في الاندماج مع الشعب الألماني وتعلم اللغة الألمانية.

سنة ۲۰۲۰ حصدت أنجيلا ميركل مكاسب هذا الاستثمار، خلال خمس سنوات فقط، وقالت صحيفة غارديان  The Guardianإن القرار الذي اتخذته مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل قبل سنوات بالسماح للمهاجرين غير النظاميين بالدخول إلى بلادها كان مقامرة لكنها آتت ثمارها، فقد أتقن أكثر من 10 آلاف شخص قدموا إلى ألمانيا لاجئين منذ عام 2015 لغة البلاد إلى الحد الذي مكنهم من دخول جامعاتها، وما يزيد على نصف هؤلاء حصلوا على عمل ويدفعون الضرائب، وغيرها الكثير من الإيجابيات ونظرا لقصر البحث لمن أراد الاطلاع أكثر ستكون موجودة هنا.


الوضع العام بعد استقطاب البدون:

تحويل الأفراد البدون من الحالة الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة إلى الحالة المتوسطة، وهذا الانتقال سيخلق حياة جديدة لأفراد البدون، وينعكس هذا النماء والتحويل على الحالة الاقتصادية والاجتماعية والنفسية وعلى المجتمع بالكامل، وأيضا هذا التحول سينعكس بشكل مباشر على حياة الأسرة، ويصبح الاهتمام بالتعليم أكثر، وهناك بعض المشاكل غير المباشرة ستحل أيضا، مثل تغير الحالة النفسية، وإحساس الفرد بأنه جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع، وأن عليه واجبات يمارسها بشكل يومي، مع اندماج أفراد البدون بكل زاوية من زوايا الحياة الاجتماعية، وتقليل نسبة العزوف عن الزواج بين أفراد البدون لأن السبب المباشر هو الحالة المنخفضة وعند تحويلها سيزول السبب وبتالي تحل المشكلة تدريجيا بين أفراد البدون.

ومن ناحية المجتمع يؤدي إلى صرف رواتبهم داخل الكويت بعكس إخواننا الوافدين وهذا حقهم، ولكن الميزة التي تعود على هذا الاستقطاب هو صرف أموالهم في الكويت، وتغذية الشركات المبتدئة والصغيرة والكبيرة بجميع التخصصات بالكوادر التي تم استقطابها، وزيادة القوة الشرائية داخل الكويت.  كما سيحفز المواطن الكويتي لبعض الأعمال لأن البدون والكويتي لهم نفس العادات والتقاليد وبالتالي سيخلق منافسة وتشجيع للمواطن الكويتي في القطاع الخاص.

الأيدي العاملة تتنافس وفي نفس الوقت تتكامل مع بعضها البعض وهذا التنافس والتكامل يخلق قوة بالأيدي العاملة داخل الوطن الواحد، دعم كل المشاريع (غير النفطية) بالأيدي العاملة من البدون مع أخيه الكويتي وهذا ما يعزز ويزيد من فرص نجاح رؤية 2035 عبر إدماج البدون في المجتمع وجعلهم ركيزة يستفيد منها الوطن، فهناك كتاب وشعراء وإعلاميين من البدون وفي المجال الطبي وجميع التخصصات والمواهب قد استفادت منهم بعض دول الجوار وبعض الدول المتقدمة، وحقيقة إن الاستفادة من كل هذه الكوادر لا بد أن تكون هنا في الكويت بعد الاستقطاب.

الخاتمة: إن وجود الاقتصاد أمر ضروري لتكوين المجتمع ودعمه. ولا يمكن لأي مجتمع أن يعيش بدون اقتصاد فعال بدرجة كافية لتلبية الاحتياجات الأساسية على أقل تقدير، ويوجد كل اقتصاد لغرض وهو تلبية الاحتياجات المتزايدة للناس مع تغير ظروف الحياة. وبالتالي فإن الاقتصاد هو أحد مكونات المجتمع. والمجتمع هو الإطار الذي يعمل فيه الاقتصاد. وبسبب هذه العلاقة، فإن لكل مجتمع اقتصاده الخاص، ويعكس كل اقتصاد احتياجات المجتمع وسماته الثقافية، فضلا عن السمات الرئيسية للحضارة التي يعيش فيها.

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد