dark_mode
  • الجمعة ٢٩ / مارس / ٢٠٢٤
چامريا.. وطن - عايد العنزي

چامريا.. وطن - عايد العنزي

ألبانيا إحدى دول إقليم البلقان الواقع جنوب شرق أوروبا، يحدها شمالاً جمهورية يوغسلافيا السابقة والتي انقسمت إلى ست دول إبان الحرب الأهلية عام 1992 والإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي حدث في البوسنة والهرسك من قبل جارتها صربيا وبمباركة الدول المجاورة الجبل الأسود، مقدونيا، كرواتيا، سلوفينيا). ويحد ألبانيا من الجنوب إيطاليا واليونان.

وهذه الدولة تتمتع بسحر وبجمال خاصين، زرتها مراراً ولم أهجرها وأصبح لدي الكثير من العلاقات مع الأسر الألبانية من أهل " چامريا " ولأني معلم سابق للتاريخ والجغرافيا؛ فبطبيعة الحال يكون الحديث مع أصدقائي في الليالي الباردة عن التاريخ والحديث عن أسلافهم وما تعرضوا له إبان الحرب العالمية الأولى والثانية فقد سمعت قصصًا لا تسمعها أو تراها إلا في أفلام الدراما أو الخيال. 

  ومن هنا نبدأ القصة.. 

بعد أن تهاوت الإمبراطورية العثمانية والتي حكمت ألبانيا لمدة خمسمائة عام وانتهى نفوذها عام 1912 صارت ألبانيا لقمة سائغة لأطماع اليونان وإيطاليا وألمانيا حتى أثناء الحرب الثانية أثناء حكم موسوليني لإيطاليا وألمانيا عندما اجتاح هتلر أوروبا. 

ونبدأ حديثنا من "چامريا" 

چامريا إقليم ألباني اقتطعه اليونان في ظل تغافل العالم عن المجازر والإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي تعرض له أهل چامريا على يد الجيش اليوناني الذي قتل وطرد وهجّر سكانها الأصليين بحجة أنهم خطيرون على أمن اليونان والحقيقة التي ذكرها أحفاد وأبناء أحفاد أهل چامريا الأصليين هو خوف اليونان من التمدد المحافظ والالتزام الديني لأهل چامريا فقامت بتجريدهم من أملاكهم وتجارتهم ومنازلهم وأبادت وهجّرت وطردتْ في واحدة من أسوء الحروب غير المتكافئة.  

فهربوا إلى الداخل الألباني باتجاه المدن الحدودية مع اليونان واستقروا في عدة مدن أهمها فلورا وفير وسارندا ودورس ودلفينا وكاسترا وبيرمت والباسان إلى العاصمة تيرانا.

وأثناء تنازع الدول المحاذية وبعد الانفصال عن الإمبراطورية العثمانية عام 1912 قامت الدول العظمى بتقسيم ألبانيا إلى عدة أقاليم وزعت على الدول المجاورة؛ فإقليم چامريا في الجنوب الألباني سيطرت عليه اليونان، ووزعت باقي الأقاليم والمدن على مقدونيا وكوسوفو والجبل الأسود في الجانب الشرقي والشمالي فأرادت الدول العظمى إعطاء ما تبقى من ألبانيا إلى إيطاليا ولكن استخدم الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية "ويلسون" حق الفيتو في إبقاء ما تبقى من ألبانيا الحالية 

أثناء الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918) وكان ويلسون شخصية رئيسية في التوسط في السلام بين القوى الحليفة والقوى المركزية في أوروبا ولا زالت أمريكا الحليف الأهم لألبانيا حتى يومنا هذا.

وقد حدثني الجيلان الرابع والخامس لأهل چامريا عن النقلة النوعية التي أحدثها أسلافهم في المدن الألبانية التي سكنوها بعد الهجرة القسرية فقد كانوا أهل تجارة وحرف علموا أبناء المدن والقرى الألبانية التجارة والصناعة.

لا يزال أبناء وأحفاد السكان الأصليين متمسكين بأرضهم ولكن النفوذ اليوناني بدعم أوروبا حال دون عودة المدينة إلى الوطن الأم. 

وهنا يجب الإشارة إلى أن تمسك الآباء والأبناء بأرضهم وأوطانهم سيعيد الحقوق المسلوبة مهما طال الزمن، وعلى الرغم من اختلاف الزمان والمكان فالمبادئ لا تتجزأ، فقد ذكر أحد المطالبين بالحقوق لفئة أخرى مستضعفة في بقعة ما في هذا العالم الصغير، كلمةً سمع صداها الجميع وأحدثت أثرًا ليس فقط في صناع القرار بل في أبنائه وأحفاده، فقد قال بصوت مسموع: "تريدون أن أبحث عن وطن جديد بعد 60 عامًا؟". فعلاً، لا يمكن البحث عن وطن جديد بعد هذا الانتماء والعشق والتضحيات وهذه الذكريات؛ فالكويت "وطن" والوطن لا يمكن التخلي عنه مهما كانت الضغوط. 

وهذا حال وحديث أهل "چامريا" منذ خمسة قرون. 

وللحديث بقية... 

بلاتفورم على وسائل التواصل الاجتماعي

اشترك معنا

اشترك في قائمتنا البريدية لتصلك أعدادنا أولًا بأول

كاريكاتير

news image
news image
news image
news image
news image
news image
عرض المزيد